فلهذين السببين لم يعول الشافعي في الباب على القرآن، وإنما عول على السنة، وهي ما روى أبو داود بإسناده أن سبيعة بنت الحرث الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فلما طهرت من دمها تجملت للخطاب، فقال لها بعض الناس : ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة : فسألت النبي ﷺ عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، فأمرني بالتزوج إن بدا لي، إذا عرفت هذا الأصل فههنا تفاريع الأول : لا فرق في عدة الوفاة بين الصغيرة والكبيرة وقال ابن عباس : لا عدة عليها قبل الدخول وهذا قول متروك لأن الآية عامة في حق الكل.
الحكم الثاني : إذا تمت أربعة أشهر وعشر انقضت عدتها، وإن لم تر عادتها من الحيض فيها وقال مالك : لا تنقضي عدتها حتى ترى عادتها من الحيض في تلك الأيام، مثلاً إن كانت عادتها أن تحيض في كل شهر مرة فعليها في عدة الوفاة أربع حيض، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل شهرين مرة فعليها حيضتان، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل أربعة أشهر مرة فعليها حيضة واحدة، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل خمسة أشهر مرة فههنا تكفيها الشهور حجة الشافعي رحمه الله أن هذه الآية دلت على أنه تعالى أمر المتوفى عنها زوجها بهذه المدة ولم يزد على هذا القدر فوجب أن يكون هذا القدر كافياً، ثم قال الشافعي : إنها إن ارتابت استبرأت نفسها من الريبة، كما أن ذات الإقراء لو ارتابت وجب عليها أن تحتاط.


الصفحة التالية
Icon