سؤال : هذه الآية ناسخة لقوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِم مَتَاعاً إِلَى الْحَولِ غَيرَ إِخْرَاج﴾ [ البقرة : ٢٤٠ ]
فإن قيل : فهي متقدمة والناسخ يجب أن يكون متأخراً، قيل هو في التنزيل متأخر، وفي التلاوة متقدم.
فإن قيل : فَلِمَ قُدِّم في التلاوة مع تأخره في التنزيل ؟ قيل : ليسبق القارىء إلى تلاوته ومعرفة حكمه حتى إن لم يقرأ ما بعده من المنسوخ أجزأه. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٠٣﴾
قوله تعالى :﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿فإذا بلغن أجلهن﴾ أي إذا انتهت المدة المعينة بالتربص، أي إذا بلغن بتربصهن تلك المدة، وجعل امتداد التربص بلوغاً، على وجه الإطلاق الشائع في قولهم بلغ الأمد، وأصله اسم البلوغ وهو الوصول، استعير لإكمال المدة تشبيهاً للزمان بالطريق الموصلة إلى المقصود.
والأجل مدة من الزمن جعلت ظرفاً لإيقاع فعل في نهايتها أو في أثنائها تارة.
وضمير ﴿أجلهن﴾ للأزواج اللائي توفي عنهن أزواجهن، وعرف الأجل بالإضافة إلى ضميرهن دون غير الإضافة من طرق التعريف لما يؤذن به إضافة أجل من كونهن قضين ما عليهن، فلا تضايقوهن بالزيادة عليه.
وأسند البلوغ إليهن وأضيف الأجل إليهن، تنبيهاً على أن مشقة هذا الأجل عليهن.
ومعنى الجناح هنا : الحرج، لإزالة ما عسى أن يكون قد بقي في نفوس الناس من استفظاع تسرع النساء إلى التزوج بعد عدة الوفاة وقبل الحول، فإن أهل الزوج المتوفى قد يتحرجون من ذلك، فنفى الله هذا الحرج، وقال :﴿فيما فعلن في أنفسهن﴾ تغليظاً لمن يتحرج من فعل غيره، كأنه يقول لو كانت المرأة ذات تعلق شديد بعهد زوجها المتوفى، لكان داعي زيادة تربصها من نفسها، فإذا لم يكن لها ذلك الداعي، فلماذا التحرج مما تفعله في نفسها.