المسألة الثانية : مذهب الشافعي وأبي حنيفة أن المتعة واجبة، وهو قول شريح والشعبي والزهري، وروي عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة أنهم كانوا لا يرونها واجبة، وهو قول مالك لنا قوله تعالى :﴿وَمَتّعُوهُنَّ﴾ وظاهر الأمر للإيجاب، وقال :﴿وللمطلقات متاع﴾ فجعل ملكاً لهن أو في معنى الملك، وحجة مالك أنه تعالى قال في آخر الآية :﴿حَقّاً عَلَى المحسنين﴾ فجعل هذا من باب الإحسان وإنما يقال : هذا الفعل إحسان إذا لم يكن واجباً فإن وجب عليه أداء دين فأداه لا يقال إنه أحسن، وأيضاً قال تعالى :﴿مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ﴾ [ التوبة : ٩١ ] وهذا يدل على عدم الوجوب، والجواب عنه أن الآية التي ذكرتموها تدل على قولنا لأنه تعالى قال :﴿حَقّاً عَلَى المحسنين﴾ فذكره بكلمة ﴿على﴾ وهي للوجوب، ولأنه إذا قيل : هذا حق على فلان، لم يفهم منه الندب بل الوجوب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ـ ١١٩١١٨﴾
قوله تعالى :﴿عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدْرُهُ﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿على الموسع قدره وعلى المقتر قدره﴾ الموسع من أوسع إذا صار ذا سعة، والمقتر من أقتر إذا صار ذا قَتر وهو ضيق العيش، والقدر بسكون الدال وبفتحها ما به تعيين ذات الشيء أو حاله، فيطلق على ما يساوي الشيء من الأجرام، ويطلق على ما يساويه في القيمة، والمراد به هنا الحال التي يقدر بها المرء في مراتب الناس في الثروة، وهو الطبقة من القوم، والطاقة من المال، وقرأه الجمهور بسكون الدال، وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وأبو جعفر بفتح الدال. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٦٢ ـ ٤٦٣﴾
قال الفخر :