وقال أصحاب الرأي وغيرهم : مُتْعَة التي تطلَّق قبل الدخول والفرض نصف مهر مثلها لا غير ؛ لأن مهر المثل مستَحَقٌّ بالعقد، والمتعة هي بعض مهر المثل ؛ فيجب لها كما يجب نصف المسمَّى إذا طلَّق قبل الدخول، وهذا يرده قوله تعالى :﴿عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدْرُهُ﴾ وهذا دليل على رفض التحديد ؛ والله بحقائق الأُمور عليم. وقد ذكر الثعلبيّ حديثاً قال : نزلت ﴿لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النسآء﴾ الآية، في رجل من الأنصار تزوّج امرأة من بني حنيفة ولم يسم لها مهراً ثم طلقها قبل أن يمسَّها فنزلت الآية ؛ فقال النبيّ ﷺ :" متِّعْها ولو بقَلَنْسُوَتك " وروى الدارقطنيّ عن سُويد بن غَفَلة قال : كانت عائشة الخثْعَمية عند الحسن بن علي بن أبي طالب فلما أُصيب عَليٌّ وبويع الحسن بالخلافة قالت : لِتَهْنِكَ الخلافةُ يا أمير المؤمنين! فقال : يُقتل عَليٌّ وتُظهرين الشماتة! اذهبي فأنت طالق ثلاثاً. قال : فَتَلفّعت بسَاجِها وقعدت حتى انقضت عدّتها ؛ فبعث إليها بعشرة الاف متعةً، وبقيةِ ما بقي لها من صداقها. فقالت :
مَتاعٌ قليلٌ من حَبِيب مُفارِقِ... فلما بلغه قولُها بكى وقال : لولا أني سمعت جدّي أو حدثني أبي أنه سمع جدّي يقول : أيّما رجل طلّق امرأته ثلاثاً مبهمة أو ثلاثاً عند الأَقْرَاء لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره لراجعتها. وفي رواية : أخبره الرسول فبكى وقال : لولا أني أَبَنْت الطلاق لها لراجعتها، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول :" أيّما رجل طلّق امرأته ثلاثاً عند كل طهر تطليقةً أو عند رأس كل شهر تطليقةً أو طلقها ثلاثاً جميعاً لم تَحِل له حتى تنكح زوجاً غيره ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٠٠ ـ ٢٠٢﴾
وقال الطبرى :