ذِكْرُ تَقْدِيرِ الْمُتْعَةِ الْوَاجِبَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ﴾ وَإِثْبَاتُ الْمِقْدَارِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِ فِي الْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادِ وَغَالِبُ الظَّنِّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي الْأَزْمَانِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي مِقْدَارِهَا شَيْئَيْنِ : أَحَدُهُمَا : اعْتِبَارُهَا بِيَسَارِ الرَّجُلِ وَإِعْسَارِهِ، وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ ذَلِكَ ؛ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي ذَلِكَ.
فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْهُمَا مَوْقُوفًا عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ فِيهَا وَالْعَادَاتُ قَدْ تَخْتَلِفُ وَتَتَغَيَّرُ، وَجَبَ بِذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْعَادَاتِ فِي الْأَزْمَانِ وَذَلِكَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ ؛ إذْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مُؤَدِّيًا إلَى اجْتِهَادٍ رَأَيْنَا.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ :( يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ اعْتِبَارُ حَالِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا ) وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ فِي كِتَابِهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ فِي تَقْدِيرِ الْمُتْعَةِ بِشَيْئَيْنِ : حَالِ الرَّجُلِ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ.


الصفحة التالية
Icon