فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا خَصَّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ بِالذِّكْرِ فِي إيجَابِ الْمُتْعَةِ عَلَيْهِمْ، دَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَأَنَّهَا نَدْبٌ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا الْمُتَّقُونَ وَالْمُحْسِنُونَ وَغَيْرُهُمْ.
قِيلَ لَهُ : إنَّمَا ذَكَرَ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ تَأْكِيدًا لِوُجُوبِهَا، وَلَيْسَ تَخْصِيصُهُمْ بِالذِّكْرِ نَفْيًا لِإِيجَابِهَا عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ وَهُوَ هُدًى لِلنَّاسِ كَافَّةً، وقَوْله تَعَالَى ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ﴾ فَلَمْ يَكُنْ قَوْله تَعَالَى :﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ مُوجِبًا ؛ لَأَنْ لَا يَكُونَ هُدًى لِغَيْرِهِمْ ؛ كَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ و﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ غَيْرُ نَافٍ أَنْ يَكُونَ حَقًّا عَلَى غَيْرِهِمْ.
وَأَيْضًا فَإِنَّا نُوجِبُهَا عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ بِالْآيَةِ وَنُوجِبُهَا عَلَى غَيْرِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي الْجَمِيعِ بِالِاتِّفَاقِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَوْجَبَهَا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى الْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ أَوْجَبَهَا عَلَى غَيْرِهِمْ.