كَلامِهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الإِثْمَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : التَّبَعَةُ أَعَمُّ فَيَقْتَضِي نَفْيُهَا نَفْيَ الإِثْمِ وَالْمُطَالَبَةَ جَمِيعًا. الْمَبْحَثُ الثَّانِي : قَوْلُهُ :﴿لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ قَدْ وَلِيَهَا شَرْطٌ وَالْجُمْلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرِ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذَاهِبِ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهَا لَيْسَتْ جَزَاءً لَهُ بَلْ دَلِيلَ الْجَزَاءِ وَالْجَزَاءُ مَحْذُوفٌ مُقَدَّرٌ بَعْدَهُ وَقَدْ وَقَفْت عَلَى تَصْنِيفِ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ أَبِي الْيَمِينِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكِنْدِيِّ قَالَ مَا مُلَخَّصُهُ :(مَسْأَلَةٌ) عُرِضَتْ عَلَيَّ بِدِمَشْقَ مَنْسُوبَةً إلَى الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَهِيَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ : طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَلَّقْتُك وَقَالَ : لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلا فِي شُرُوحِهِ. وَلَمْ يَرَهَا فِي غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهِ وَلا فِي كُتُبِ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ بَعْدَهُ، وَلا وَجَدْنَاهَا أَيْضًا فِي كُتُبِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَلَمَّا عَدِمْنَا ذَلِكَ اسْتَضَأْنَا بِآرَاءِ الْفُقَهَاءِ فَرَأَيْنَاهَا مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يَقْدِرُوا فِيهَا عَلَى نَصٍّ مَرْفُوعٍ إلَى إمَامٍ، فَضَعُفَ التَّعْوِيلُ عَلَى تِلْكَ الأَقْوَالِ لِتَعَارُضِ الْفُتْيَا. وَأَنَا بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى أَذْكُرُ مِنْ طَرِيقِ الْعَرَبِيَّةِ مَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ اتِّبَاعُهُ أَمَّا الْحُكْمُ فِي طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بِتَقْدِيمِ الْفِعْلِ الْمَاضِي عَلَى الشَّرْطِ فَهُوَ وُقُوعُ الطَّلاقِ عَلَى الْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى الشَّرْطِ


الصفحة التالية
Icon