الْقَائِلُ مُخْبِرًا أَوْ مُنْشِئًا فِي لَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي فِي مَعْنَى الثُّبُوتِ وَالْوُقُوعِ ؛ إلا أَنَّ الْخَبَرَ يَخْتَصُّ بِمَا انْقَضَى بِانْقِضَاءِ الزَّمَانِ قَبْلَ الإِخْبَارِ بِهِ، وَالإِنْشَاءُ يَخْتَصُّ بِالإِيجَادِ فِي الْحَالِ، وَلَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِدَلِيلِ الْحَالِ، كَمَا أَنَّ الأَمْرَ وَالدُّعَاءَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الاسْتِعْلاءُ وَالْخُضُوعُ انْتَهَى مَا أَرَدْت نَقْلَهُ مِنْ كَلامِ الْكِنْدِيِّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الأُولَى. قَالَ : وَأَمَّا قَوْلُهُ : إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك، فَالْحُكْمُ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلاقِ عِنْدَ الدُّخُولِ، قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : إنَّ هَذَا وَعْدٌ. فَالْجَوَابُ : إنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَ الْوَعْدَ فَإِنَّهُ مُضَادٌّ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لأَنَّ صُورَةَ الْوَعْدِ فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ مِنْ الأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ تَفْتَقِرُ إلَى إيجَادٍ مِنْ الْوَاعِدِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، مِثْلَ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ. " وَطَلَّقْتُك " حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَحِلُّ فِي الزَّوْجَةِ وَتَتَّصِفُ بِهِ عِنْدَ دُخُولِهَا الدَّارَ، وَلا يَفْتَقِرُ إلَى إيقَاعٍ مُحَدَّدٍ. انْتَهَى مَا أَرَدْت نَقْلَهُ مِنْ كَلامِ الْكِنْدِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يُصِبْ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا وَالْحَقُّ خِلافُ مَا قَالَهُ فِيهِمَا. وَإِنَّ الطَّلاقَ فِي الأُولَى يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ وَلا يَقَعُ قَبْلَهُ. وَفِي الثَّانِيَةِ لا يَقَعُ أَصْلا إلا إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَحِينَئِذٍ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. وَلا يُسَاعِدُ الْكِنْدِيَّ عَلَى مَا قَالَهُ نَحْوٌ وَلا فِقْهٌ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon