دَخَلْت الدَّارَ لأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الطَّلاقِ فِي الْحَالِ، وَمَا كَانَ ثَابِتًا فِي الْحَالِ لا يُعَلَّقُ كَمَا لا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ : أَنَا قَائِمٌ فِي الْحَالِ إنْ قُمْت، إلا أَنْ تَقُولَ إنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ صَالِحٌ لِلاسْتِقْبَالِ، فَالتَّعْلِيقُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك كَذَلِكَ لأَنَّ الْمَاضِيَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْمُسْتَقْبَلُ. عَلَى أَنَّا لا نَقُولُ إنَّ هَذَا الْمَاضِيَ أُرِيدَ بِهِ الْمُسْتَقْبَلُ بَلْ أُرِيدَ بِهِ الإِنْشَاءُ النَّاجِزُ الْوَاقِعُ فِي الْحَالِ، وَالْمُعَلَّقُ هُوَ أَثَرُهُ وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلاقِ الْمُنْشَأِ بِحَسَبِ مَا أَنْشَأَهُ وَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ، فَالْمَاضِي هُوَ التَّطْلِيقُ وَالإِيقَاعُ وَالْمُعَلَّقُ هُوَ الطَّلاقُ وَالْوُقُوعُ وَلا شَكَّ أَنَّ فِي طَلَّقْتُك أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا التَّصَرُّفُ النَّاجِزُ مِنْ الزَّوْجِ، وَالثَّانِي أَثَرُ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَالأَوَّلُ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ لا يُمْكِنُ تَأَخُّرُهُ، وَالثَّانِي طَلاقٌ وَوُقُوعٌ هُوَ الَّذِي يَتَأَخَّرُ وَيَتَعَلَّقُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِك : اضْرِبْ زَيْدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَفِي اضْرِبْ شَيْئَانِ : أَحَدُهُمَا إنْشَاءٌ، لأَنَّهُ فِعْلُ أَمْرٍ، وَفِعْلُ الأَمْرِ إنْشَاءٌ، وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لا يَتَأَخَّرُ وَلا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ. وَلَيْسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ظَرْفًا لَهُ، إذْ لَوْ كَانَ ظَرْفًا لَهُ لَزِمَ تَأَخُّرُهُ، وَالثَّانِي الْمَصْدَرُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعَلَّقُ الْمَظْرُوفُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَوْلُ النُّحَاةِ : أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعْمُولٌ لا ضَرْب : فِيهِ تَسَمُّحٌ ؛ وَمُرَادُهُمْ


الصفحة التالية
Icon