وَأَمَّا مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الأَخْفَشُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾ فَإِنْ جَوَّزْنَا حَذْفَ الْفَاءِ مِنْ جَوَابِ الشَّرْطِ إذَا كَانَ اسْمًا وَهُوَ أَضْعَفُ الْوَجْهَيْنِ فَصَحِيحٌ وَلا حُجَّةَ فِيهِ لِلْكِنْدِيِّ وَالْفَارِسِيِّ، وَلا عَلَيْهِ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ هُوَ الْمَكْتُوبُ لأَنَّ الْكِتَابَةَ هِيَ التَّكْلِيفُ وَالتَّكْلِيفُ مُتَقَدِّمٌ فِي الأَزَلِ وَالْمُكَلَّفُ هُوَ الْمُعَلَّقُ ؛ أَوْ تَعَلُّقُ التَّكَالِيفِ هُوَ الْمُعَلَّقُ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا جَوَّزْنَا حَذْفَ الْفَاءِ مِنْ الْجُمْلَةِ الاسْمِيَّةِ. وَالصَّحِيحُ خِلافُهُ، وَيُحْتَمَلُ فِي الآيَةِ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَكْتُوبُ الْوَصِيَّةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا شَرْطَانِ مُتَوَسِّطَانِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ ؛ وَيَكُونُ الْجَوَابُ " كُتِبَ " مَحْذُوفًا مَدْلُولا عَلَيْهِ بِكُتِبَ الْمُتَقَدِّمِ، وَيُحْتَمَلُ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ " إذَا " ظَرْفٌ مَحْضٌ، أَيْ كُتِبَ وَقْتَ الْحُضُورِ، وَقَوْلُهُ " إنْ تَرَكَ " شَرْطٌ إمَّا تُقَدَّرُ الْفَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ جَوَابًا لَهُ، وَإِمَّا مَحْذُوفُ الْجَوَابِ وَالْوَصِيَّةُ مَفْعُولٌ كَمَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي. وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تَكُونُ الْكِتَابَةُ وَقْتَ الاحْتِضَارِ ؛ وَعَلَى قَوْلِ الأَخْفَشِ تَكُونُ الْكِتَابَةُ مُتَقَدِّمَةً، وَلَك أَنْ تُخْرِجَ ذَلِكَ عَلَى خِلافٍ فِي الأُصُولِ ؛ فَقَوْلُ الأَخْفَشِ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ أَزَلِيٌّ، وَالْقَوْلانِ الآخَرَانِ عَلَى أَنَّهُ حَادِثٌ أَوْ تَعَلُّقُهُ حَادِثٌ، وَيَكُونُ الْحَادِثُ عِنْدَ الشَّرْطِ التَّعَلُّقَ. إذَا عَرَفْت ذَلِكَ عُدْنَا إلَى