وَإِمَّا فِي النَّهَارِ. وَاتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ الَّذِي لِلإِبَاحَةِ إذَا كَانَتْ فِي النَّهْيِ اقْتَضَتْ كُلا مِنْهُمَا وَاخْتَلَفُوا فِي الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ. فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ بِذَلِكَ أَيْضًا وَخَالَفَ ابْنُ كَيْمَانَ فَقَالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ وَاحِدٍ وَأَنْ يَكُونَ عَنْ الْجَمِيعِ. فَإِذَا قُلْت : لا تَأْخُذْ دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا جَازَ أَنْ يَكُونَ نَهْيًا عَنْ أَحَدِهِمَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُصْفُورٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الَّتِي لِلإِبَاحَةِ وَاَلَّتِي لِلتَّخْيِيرِ صُورَتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَيَخْتَلِفَانِ بِمَا يُرِيدُهُ الْمُتَكَلِّمُ وَبِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ. فَحَيْثُ أُرِيدَ الْمَنْعُ مِنْ الْجَمِيعِ فَهِيَ الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ ؛ وَحَيْثُ أُرِيدَ الْمَنْعُ مِنْ الْخُلُوِّ فَهِيَ الَّتِي لِلإِبَاحَةِ. فَالْمَقْصُودُ فِي التَّخَيُّرِيَّةِ إبَاحَةُ وَاحِدٍ لا غَيْرُ، وَالْمَقْصُودُ فِي الإِبَاحِيَّةِ إبَاحَةُ ذَلِكَ الْجِنْسِ. وَتُسَمَّى الأُولَى عِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ مَانِعَةَ الْجَمْعِ وَتُسَمَّى الثَّانِيَةُ مَانِعَةَ الْخُلُوِّ إنْ قَصَدَ إبَاحَةَ ذَلِكَ الْجِنْسِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِلا فَقَدْ تُقْصَدُ إبَاحَةُ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِغَيْرِهِ فَلا يَكُونُ فِيهَا مَنْعٌ أَصْلا. إذَا عَرَفْت هَذَا جِئْنَا إلَى الآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَالْمَعْنَى مَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ : الْمَسِيسُ أَوْ الْفَرْضُ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَالْجُنَاحُ مَوْجُودٌ. وَالْحُكْمُ عَلَى نَفْيِهِ وَيَكُونُ الْجُنَاحُ عِنْدَ الْمَسِيسِ كُلَّ الْمَهْرِ، وَعِنْدَ الْفَرْضِ وَالطَّلاقِ نِصْفَهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الآيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَاكْتَفَى فِي الْمَسِيسِ بِالْمَفْهُومِ. هَذَا إنْ عُطِفَتْ (أَوْ