فوائد بلاغية
قال أبو حيان :
وقد تضمنت هذه الآية الكريمة أنواعاً من الفصاحة، وضروباً من علم البيان والبلاغة.
الكناية في : أن تمسوهنّ، والتجنيس المغاير، في : فرضتم لهنّ فريضة، والطباق في : الموسع والمقتر، والتأكيد بالمصدرين في : متاعاً وحقاً، والاختصاص : في : حقاً على المحسنين، ويمكن أن يكون من : التتميم، لما قال : حقاً، أفهم الإيجاب، فلما قال : على المحسنين تمم المعنى، وبيَّن أنه من باب التفضل والإحسان لا من باب الإيجاب، فلما قال : على المحسنين تمم التعميم، وبين أنه من باب التفضل والإحسان، لا من باب الإيجاب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٤٧﴾
من فوائد ابن عرفة فى الآية
قوله تعالى :﴿لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾.
وجه الفصل كونها جملة خبرية والأولى طلبية فلذلك لم يعطفها عليها.
قال ابن مالك : وإلا فالقاعدة أن الجملتين إذا كانتا متقاربتين في المعنى لم يعطف.
قوله تعالى :﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ...﴾.
ابن عرفة هذا كما ( قال ) غير مرة : إن من أكثر ما وردت ( لَمْ ) في القرآن لنفي الماضي المتصل بزمن الحال قال : و( أو ) هنا بمعنى الواو. كما قال ابن راشد، وهو الصحيح، لأنها إذا كانت على بابها أعني ( للتنويع ) لزم نفي الجناح ( عمن طلق بعد الدخول في نكاح التفويض، وإذا اكانت بمعنى الواو فيكون المراد برفع الجناح ) بسقوط نصف الصداق ) بالطلاق.
قوله تعالى :﴿وَمَتِّعُوهُنَّ...﴾.
قال ابن عرفة : إنما عطف هذه وهي أمر على ما قبلها وهي خبر لأن قبلها تضمن حكم الطّلاق وهو سبب في الأمر بالمتعة والسببية ظاهرة فلذلك عطفت ( بالواو ) ولو كانت خفية لعطفت بالفاء.
قال ابن عرفة في مختصره الفقهي : المتعة ما يؤمر الزوج بإعطائه الزوجة لطلاقه إياها، والمعروف أنّها مستحبة يؤمر بها ولا يقضى بها ولا ( تحاصص ).
قال ابن زرقون في المبسوط عن محمد بن مسلمة هي واجبة ( يقضي بها ) ( لأنه ) لا يأبى أن يكون من المحسنين ولا المتقين إلاّ رجل سوء.
قال ابن عرفة : ولأن رأي المتقدمين أن المؤمن والمتقي متساويان ولأن قوله :﴿حَقّاً عَلَى المتقين﴾ يقتضي عموم تعلقها بكل مسلم لأنه متق الشرك وقوله " عَلَى الْمُحْسِنِينَ " مفهومه عدم تعقلها بمن ليس بمحسن من المسلمين فيتعارض العموم والمفهوم والأصح عند الأصوليين أن العموم مقدم ونقله اللَّخمي ولم يعزه وعزاه الإمام ابن عبد السلام لابن حبيب.
قال ابن عرفة : قال أبو عمران : إنما يقدر حال المرأة، وابن عبد البر يقدر حال الرجل وابن رشد ( يقدر ) حالهما.
قال ابن عرفة : وهي لكل مطلقة في عصمة لا رجعة فيها ولا خيار على الزوج.


الصفحة التالية
Icon