والقسم الثالث : من المطلقات : التي يكون مفروضاً لها، ولكن لا يكون مدخولاً بها وهي المذكورة في الآية التي بعد هذه الآية، وهي قوله سبحانه وتعالى :﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] واعلم أنه تعالى بين حكم عدة غير المدخول بها وذكر في سورة الأحزاب أنه لا عدة عليها ألبتة، فقال :﴿إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتّعُوهُنَّ﴾ [ الأحزاب : ٤٩ ].
القسم الرابع : من المطلقات : التي تكون مدخولاً بها، ولكن لا يكون مفروضاً لها، وحكم هذا القسم مذكور في قوله :﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [ النساء : ٢٤ ] أيضاً القياس الجلي دال عليه وذلك لأن الأمة مجمعة على أن الموطوءة بالشبهة لها مهر المثل، فالموطوءة بنكاح صحيح أولى بهذا الحكم، فهذا التقسيم تنبيه على المقصود من هذه الآية، ويمكن أن يعبر عن هذا التقسيم بعبارة أخرى، فيقال : إن عقد النكاح يوجب بدلاً على كل حال، ثم ذلك البدل إما أن يكون مذكوراً أو غير مذكور، فإن كان البدل مذكوراً، فإن حصل الدخول استقر كله، وهذا هو حكم المطلقات التي ذكرهن الله تعالى قبل هذه الآية، وإن لم يحصل الدخول سقط نصف المذكور بالطلاق، وهذا هو حكم المطلقات التي ذكرهن الله تعالى في الآية التي تجىء عقيب هذه الآية.
فإن لم يكن البدل مذكوراً فإن لم يحصل الدخول فهو هذه المطلقة التي ذكر الله تعالى حكمها في هذه الآية، وحكمها أنه لا مهر لها، ولا عدة عليها، ويجب عليه لها المتعة، وإن حصل الدخول فحكمها غير مذكور في هذه الآيات، إلا أنهم اتفقوا على أن الواجب فيها مهر المثل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١١٥ ـ ١١٦﴾