قوله تعالى :﴿وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ للتقوى﴾
قال الفخر :
هذا خطاب للرجال والنساء جميعاً إلا أن الغلبة للذكور إذا اجتمعوا مع الإناث، وسبب التغليب أن الذكورة أصل والتأنيث فرع في اللفظ وفي المعنى أما في اللفظ فلأنك تقول : قائم.
ثم تريد التأنيث فتقول : قائمة.
فاللفظ الدال على المذكر هو الأصل، والدال على المؤنث فرع عليه، وأما في المعنى فلأن الكمال للذكور والنقصان للإناث، فلهذا السبب متى اجتمع التذكير والتأنيث كان جانب التذكير مغلباً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٢٣﴾
وقال أبو حيان :
﴿وأن تعفوا أقرب للتقوى﴾. هذا خطاب للزوج والزوجة، وغلب المذكر، قاله ابن عباس.
وقال ابن عطية : خاطب تعالى الجميع تأدباً بقوله :﴿وأن تعفوا أقرب للتقوى﴾ أي : يا جميع الناس. انتهى كلامه.
والذي يظهر أنه خطاب للأزواج فقط، وقاله الشعبي، إذ هم المخاطبون في صدر الآية، فيكون ذلك من الالتفات، إذ رجع من ضمير الغائب، وهو الذي بيده عقدة النكاح على ما اخترناه في تفسيره، إلى الخطاب الذي استفتح به صدر الآية، وكون عفو الزوج أقرب للتقوى من حيث إنه كسر قلب مطلقته، فيجبرها بدفع جميع الصداق لها، إذ كان قد فاتها منه صحبته، فلا يفوتها منه نحلته، إذ لا شيء أصعب على النساء من الطلاق، فإذا بذل لها جميع المهر لم تيأس من ردّها إليه، واستشعرت من نفسها أنه مرغوب فيها، فانجبرت بذلك.
وقرأ الشعبي، وأبو نهيك : وأن يعفوا، بالياء باثنتين من تحتها، جعله غائباً، وجمع على معنى : الذي بيده عقدة النكاح، لأنه للجنس لا يراد به واحد، وقيل : هذه القراءة تؤيد أن العفو مسند للأزواج، قيل : والعفوا أقرب لاتقاء كل واحد منهما ظلم صاحبه.
وقيل : لاتقاء معاصي الله.


الصفحة التالية
Icon