أما قوله تعالى :﴿كَمَا عَلَّمَكُم﴾ فبيان إنعامه علينا بالتعليم والتعريف، وأن ذلك من نعمه تعالى، ولولا هدايته لم نصل إلى ذلك، ثم إن إصحابنا فسروا هذا التعليم بخلق العلم والمعتزلة فسروه بوضع الدلائل، وفعل الألطاف، وقوله تعالى :﴿مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ إشارة إلى ما قبل بعثة محمد ﷺ من زمان الجهالة والضلالة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٣٣﴾
فائدة
قال أبو حيان :
وقال أبو حيان
﴿فاذكروا الله﴾ بالشكر والعبادة ﴿كما علمكم﴾ أي : أحسن إليكم بتعليمكم ما كنتم جاهليه من أمر الشرائع، وكيف تصلون في حال الخوف وحال الأمَن.
و: ما، مصدرية، و : الكاف، للتشبيه.
أمر أن يذكروا الله تعالى ذكراً يعادل ويوازي نعمة ما علمهم، بحيث يجتهد الذاكر في تشبيه ذكره بالنعمة في القدر والكفاءة، وإن لم يقدر على بلوغ ذلك.
ومعنى : كما علمكم، كما أنعم عليكم فعلمكم، فعبر بالمسبب عن السبب، لأن التعليم ناشىء عن إنعام الله على العبد وإحسانه له.
وقد تكون الكاف للتعليل، أي : فاذكروا الله لأجل تعليمه إياكم أي : يكون الحامل لكم على ذكره وشكره وعبادته تعليمه إياكم، لأنه لا منحة أعظم من منحة العلم.
﴿ما لم تكونوا تعلمون﴾ ما : مفعول ثان لعلمكم، وفيه الامتنان بالتعليم على العبد، وفي قوله :﴿ما لم تكونوا تعلمون﴾ إفهام أنكم علمتم شيئاً لم تكونوا لتصلوا لإدراكه بعقولكم لولا أنه تعالى علمكموه، أي : أنكم لو تركتم دون تعليم لم تكونوا لتعلموه أبدا.
وحكى النقاش وغيره أن معنى :﴿فاذكروا الله﴾ أي صلوا الصلاة التي قد علمتموها، أي : صلاة تامة بجميع شروطها وأركانها وتكون : ما، في :﴿كما علمكم﴾ موصولة أي : فصلوا الصلاة كالصلاة التي علمكم، وعبر بالذكر عن الصلاة والكاف إذ ذاك للتشبيه بين هيئتي الصلاتين : الصلاة التي كانت أولاً قبل الخوف، والصلاة التي كانت بعد الخوف في حالة الأمن.