الصلاة أصلها الدعاء، وحالة الخوف أولى بالدعاء ؛ فلهذا لم تسقط الصلاة بالخوف ؛ فإذا لم تسقط الصلاة بالخوف فأحْرَى ألاّ تسقط بغيره من مرض أو نحوه، فأمر الله سبحانه وتعالى بالمحافظة على الصلوات في كل حال من صحة أو مرض، وحضر أو سفر، وقدرة أو عجز وخوف أو أمن، لا تسقط عن المكلَّف بحال، ولا يتطرّق إلى فرضيتها اختلال. وسيأتي بيان حكم المريض في آخر " آل عمران" إن شاء الله تعالى. والمقصود من هذا أن تُفعل الصلاةُ كيفما أمكن، ولا تسقط بحال حتى لو لم يتَّفق فعلها إلا بالإشارة بالعين لزم فعلها، وبهذا تميَّزت عن سائر العبادات، كلها تسقطُ بالأعذار ويترخص فيها بالرُّخَص. قال ابن العربيّ : ولهذا قال علماؤنا : وهي مسألة عظمى، إن تارك الصلاة يقتل ؛ لأنها أشبهت الإيمان الذي لا يسقط بحال، وقالوا فيها : إحدى دعائم الإسلام لا تجوز النيابة عنها ببدن ولا مال، فيقتل تاركها ؛ أصله الشهادتان. وسيأتي ما للعلماء في تارك الصلاة في " براءة" إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٢٥﴾
كلام نفيس لابن العربى فى الآية الكريمة
قال رحمه الله :
قَوْله تَعَالَى :﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ صِحَّةٍ وَمَرَضٍ، وَحَضَرٍ وَسَفَرٍ، وَقُدْرَةٍ وَعَجْزٍ، وَخَوْفٍ وَأَمْنٍ، لَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِحَالٍ، وَلَا يَتَطَرَّقُ إلَى فَرْضِيَّتِهَا اخْتِلَالٌ.
وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ﴾.