قوله تعالى ﴿والله عزيز حكيم﴾
قال أبو حيان
﴿والله عزيز حكيم﴾ ختم الآية بهاتين الصفتين، فقوله : عزيز، إظهار للغلبة والقهر لمن منع من إنفاذ الوصية بالتمتيع المذكور، أو أخرجهن وهنّ لا يخترن الخروج، ومشعر بالوعيد على ذلك. وقوله : حكيم، إظهار أن ما شرع من ذلك فهو جارٍ على الحكمة والإتقان، ووضع الأشياء مواضعها.
قال ابن عطية : وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتفق عليه إلاَّ ما قاله الطبري عن مجاهد وفي ذلك نظر على الطبري. انتهى كلامه.
وقد تقدّم أوّل الآي ما نقل عن مجاهد من أنها محكمة، وهو قول ابن عطية في ذلك. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٥٥﴾

فصل


المعتدَّة من فرقة الوفاة، لا نفقة لها، ولا كسوة حاملاً كانت، أو حائلاً.
وروي عن عليٍّ، وابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ لها النَّفقة إذا كانت حاملاً، وعن جابر، وابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أنهما قالا : لا نفقة لها، حسبها الميراث، وهل تستحقُّ السُّكنى ؟ قال عليٌّ، وابن عباس، وعائشة - رضي الله عنهم - : لا تستحقُّ السُّكنى، وهذا مذهب أبي حنيفة والمزنيّ.
وقال عمر، وابن عمر، وعثمان، وابن مسعود، وأمُّ سلمة : إنها تستحقُّ السُّكنى، وبه قال مالك، والثَّوريُّ، وأحمد.
واحتجَّ كلٌّ من الطائفتين بخبر فريعة بنت مالك، أخت أبي سعيدٍ الخدريِّ، قتل زوجها ؛ فسألت رسول الله ﷺ فقالت : إنّي أرجع إلى أهلي، فإنَّ زوجي ما تركني في منزل يملكه ؛ فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام - :" نَعَمْ "، فانصرفت حتى إذا كنت في المسجد، أو في الحجرة دعاني فقال :" امْكُثِي في بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ "، فاختلفوا في تنزيل هذا الحديث.
فقيل : لم يوجب في الابتداء، ثمَّ أوجب ؛ فصار الأوَّل منسوخاً.
وقيل : أمرها بالمكث في بيتها أجراً على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الوجوب.


الصفحة التالية
Icon