دخول لفظة ﴿إلى﴾ في قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين﴾ يحتمل أن يكون لأجل أن ﴿إلى﴾ عندهم حرف للانتهاء كقولك : من فلان إلى فلان، فمن علم بتعليم معلم، فكأن ذلك المعلم أوصل ذلك المتعلم إلى ذلك المعلوم وأنهاه إليه، فحسن من هذا الوجه دخول حرف ﴿إلى﴾ فيه، ونظيره قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ إلى رَبّكَ كَيْفَ مَدَّ الظل﴾ [ الفرقان : ٤٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٣٨﴾
قوله تعالى :﴿إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن ديارهم﴾
فصل
قال الفخر :
أما قوله :﴿إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن ديارهم﴾ ففيه روايات أحدها : قال السدي : كانت قرية وقع فيها الطاعون وهرب عامة أهلها، والذين بقوا مات أكثرهم، وبقي قوم منهم في المرض والبلاء، ثم بعد ارتفاع المرض والطاعون رجع الذين هربوا سالمين، فقال من بقي من المرضى : هؤلاء أحرص منا، لو صنعنا ما صنعوا لنجونا من الأمراض والآفات، ولئن وقع الطاعون ثانياً خرجنا فوقع وهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفاً، فلما خرجوا من ذلك الوادي، ناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه : أن موتوا، فهلكوا وبليت أجسامهم، فمر بهم نبي يقال له حزقيل، فلما رآهما وقف عليهم وتفكر فيهم فأوحى الله تعالى إليه أتريد أن أريك كيف أحييهم ؟ فقال نعم فقيل له : ناد أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي، فجعلت العظام يطير بعضها إلى بعض حتى تمت العظام ثم أوحى الله إليه : ناد يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحماً ودماً، فصارت لحماً ودماً، ثم قيل : ناد إن الله يأمرك أن تقومي فقامت، فلما صاروا أحياء قاموا، وكانوا يقولون :" سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت" ثم رجعوا إلى قريتهم بعد حياتهم، وكانت أمارات أنهم ماتوا ظاهرة في وجوههم ثم بقوا إلى أن ماتوا بعد ذلك بحسب آجالهم.