وأنت تعلم أن مذاهب البلاغة مختلفة متشتتة، والكلام كما ربما يجري مجرى الإطناب كذلك يجري مجرى الإيجاز، وللآية نظائر في القرآن كقوله تعالى :" قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود " البروج - ٧، وقوله تعالى :" وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " الاعراف - ١٨١.
ورابعا : على أن الآية لو لم تحمل على التمثيل لم ترتبط بما بعدها من الآيات بحسب المعنى، وأنت تعلم أن نزول القرآن نجوما يغني عن كل تكلف بارد في ربط الآيات بعضها ببعض إلا ما كان منها ظاهر الارتباط، بين الاتصال على ما هو شأن الكلام البليغ.
فالحق أن الآيه كما هو ظاهرها مسوقة لبيان القصة، وليت شعري أي بلاغة في أن يلقي الله سبحانه للناس كلاما لا يرى أكثر الناظرين فيه إلا أنه قصة من قصص الماضين، وهو في الحقيقة تمثيل مبني على التخييل من غير حقيقة.
مع أن دأب كلامه تعالى على تمييز المثل عن غيره في جميع الأمثال الموضوعة فيه بنحو قوله :" مثلهم كمثل الذي " البقرة - ١٧، وقوله :" إنما مثل الحياة الدنيا " يونس - ٢٤، وقوله :" مثل الذين حملوا " الجمعة - ٥، إلى غير ذلك. أ هـ ﴿الميزان ٢ صـ ٢٨٠ ـ ٢٨١﴾


الصفحة التالية
Icon