ولما كان الخلق كلهم متساوين في أصل الجسمية وإنما جاء تفضيل بعضهم على بعض من الله فكان هو المدار علق الأمر به في قوله :﴿قال﴾ أي النبي لا غيره مؤكداً لأجل إنكارهم معظماً عليهم الحق بإعادة الاسم الأعظم ﴿إن الله﴾ أي الذي له جميع الأمر فلا اعتراض عليه وهو أعلم بالمصالح ﴿اصطفاه﴾ قال الحرالي : والاصطفاء أخذ الصفوة - انتهى.
ولما كان ذلك مضمناً معنى ملكه قال في تعديته ﴿عليكم﴾ ثم أتبع ذلك ما أودعه سبحانه مما اقتضى ذلك فقال :﴿وزاده﴾ أي عليكم ﴿بسطة في العلم﴾ الذي به تحصل المكنة في التدبير والنفاذ في كل أمر، وهو يدل على اشتراط العلم في الملك، وفي تقديمه أن الفضائل النفسانية أشرف من الجسمانية وغيرها، وأن الملك ليس بالإرث ﴿والجسم﴾ الذي به يتمكن من الظفر بمن بارزه من الشجعان وقصده من سائر الأقران.
ولما كان من إليه شيء كان له الخيار في إسناده إلى غيره قال : والله} أي اصطفاه والحال أن الملك الذي لا أمر لغيره ﴿يؤتي ملكه﴾ أي الذي هو له وليس لغيره فيه شيء ﴿من يشاء﴾ كما آتاكموه بعد أن كنتم مستعبدين عند آل فرعون ﴿والله﴾ الذي له الإحاطة الكاملة فلا يجوز الاعتراض عليه ﴿واسع﴾ أي في إحاطة قدرته وشمول عظمته وكثرة جنوده ورزقه ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم، فما اختاره فهو المختار وليس لأحد معه خيرة فهو يفعل بما له من السعة في القدرة والعلم ما قد لا تدركه العقول ولا تحتمل وصفه الألباب والفهوم ويؤتي من ليس له مال من خزائن رزقه ما يشاء. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٧٣﴾
قال أبو السعود :