قال بعضهم : المراد بالبسطة في الجسم طول القامة، وكان يفوق الناس برأسه ومنكبه، وإنما سمي طالوت لطوله، وقيل المراد من البسطة في الجسم الجمال، وكان أجمل بني إسرائيل وقيل : المراد القوة، وهذا القول عندي أصح لأن المنتفع به في دفع الأعداء هو القوة والشدة، لا الطول والجمال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤٨﴾
وقال القرطبى :
قال ابن عباس : كان طالوت يومئذ أعلم رجل في بني إسرائيل وأجملَه وأتَمّه ؛ وزيادة الجسم مما يَهيب العدوّ.
وقيل : سُمي طالوت لطوله.
وقيل : زيادة الجسم كانت بكثرة معاني الخير والشجاعة، ولم يرد عِظم الجسم ؛ ألم تر إلى قول الشاعر : ترى الرّجُلَ النّحِيف فتَزْدَرِيهِ...
وفي أثْوابه أسَدٌ هَصُورُ
ويُعجبك الطّرِير فتَبْتَلِيه...
فيُخْلِف ظنّك الرجلُ الطّرِيرُ
وقد عَظُم البعير بغير لُبٍّ...
فلم يَسْتَغْنِ بالعِظَم البعيرُ
قلت : ومن هذا المعنى قوله ﷺ لأزواجه :" أسرعكنّ لحاقا بي أطولكنّ يداً " فكنّ يتطاولن ؛ فكانت زينب أوّلهن موتاً ؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدّق ؛ خرّجه مسلم.
وقال بعض المتأوّلين : المراد بالعلم عِلم الحرب، وهذا تخصيص العموم من غير دليل.
وقد قيل : زيادة العلم بأن أوحى الله إليه، وعلى هذا كان طالوت نبياً، وسيأتي. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٤٦ ـ ٢٤٧﴾
فائدة
قال الفخر :
إنه تعالى قدم البسطة في العلم، على البسطة في الجسم، وهذا منه تعالى تنبيه على أن الفضائل النفسانية أعلى وأشرف وأكمل من الفضائل الجسمانية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤٨﴾
وقال ابن عاشور :
قدم النبي في كلامه العلم على القوة لأن وقعه أعظم، قال أبو الطيب :
الرأي قبلَ شجاعةِ الشجعان
هو أَوَّلٌ وهي المحل الثاني...
فالعلم المراد هنا، هو علم تدبير الحرب وسياسة الأمة، وقيل : هو علم النبوءة، ولا يصح ذلك لأن طالوت لم يكن معدوداً من أنبيائهم.