وقوله : والله يؤتي ملكه من يشاء} يحتمل أن يكون من كلام النبي، فيكون قد رجع بهم إلى التسليم إلى أمر الله، بعد أن بين لهم شيئاً من حكمة الله في ذلك.
ويحتمل أن يكون تذييلاً للقصة من كلام الله تعالى، وكذلك قوله :﴿والله واسع عليم﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٩١﴾
قال الماوردى :
﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ وفي واسع ثلاثة أقاويل :
أحدها : واسع الفضل، فحذف ذكر الفضل اكتفاء بدليل اللفظ، كما يقال فلان كبير، بمعنى كبير القَدْر.
الثاني : أنه بمعنى مُوسِع النعمة على مَنْ يشاء من خلقه.
والثالث : أنه بمعنى ذو سعة. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣١٥﴾
لطيفة
قال الآلوسى :
وفي اختيار واسع وعليم في الأخبار عنه تعالى هنا حسن المناسبة لبسطة الجسم وكثرة العلم ما تهتش له الخواطر لا سيما على ما يتبادر من بسطة الجسم، وقدم الوصف الأول مع أن ما يناسبه ظاهراً مؤخر لأن له مناسبة معنى لأول الأخبار إذ الاصطفاء من سعة الفضل أيضاً، ولأنّ عليم أوفق بالفواصل وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢ صـ ١٦٧﴾
فائدة
قال أبو حيان فى معنى الآية :
أخبر تعالى عن نبيهم أنه قال لهم عن الله إنه قد بعث طالوت ملكاً عليهم، ولم يكن عندهم من أنفسهم ولا أشرفهم منصباً، إذ ليس من سبط النبوّة، ولا من سبط الملك، فلم يأخذوا ما أخبرهم عن الله بالقبول، وشرعوا يتعنتون على عادتهم مع أنبيائهم، فاستبعدوا تمليكه عليهم، لأن فيهم من هو أحق بالملك منه على زعمهم، إذ لم يسبق له أن يكون من آبائه ملك فيعظم عند العامّة، ولأنه فقير، وهاتان الخلتان هما يضعفان الملك، إذ سابق الرئاسة والجاه والملاءة بالأموال مما يستتبع الرجال، ويستعبد الأحرار، وما علموا أن عناية المقادير تجعل المفضول فاضلاً.
فأخبرهم نبيهم، أن الله تعالى قد اختاره عليكم، وشرّفه بخصلتين : هما في ذاته : إحداهما : الخلق العظيم، والأخرى : المعرفة التي هي الفضل الجسيم، واستغنى بهذين الوصفين الذاتيين عن الوصفين الخارجين عن الذات، وهما الفخر : بالعظم الرميم، والاستكثار بالمال الذي مرتعه وخيم.
ثم أخبر أن الله تعالى يعطي ملكه من أراد، وأنه الواسع الفضل، العالم بمصالح العباد، فلا اعتراض عليه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٦٨﴾


الصفحة التالية
Icon