فائدة لغوية
قال ابن عادل :
وفي » التَّابوتِ «، قولان :
أحدهما : أنه فاعولٌ، ولا يعرف له اشتقاقٌ، ومنع قائل هذا أن يكون وزنه فعلوتاً مشتقاً من تاب يتوب كملكوت من الملك ورهبوت من الرُّهب، قال : لأنَّ المعنى لا يساعد على ذلك.
الثاني : أن وزنه فعلوت كملكوت، وجعله مشتقاً من التَّوب وهو الرُّجوع، وجعل معناه صحيحاً فيه، لأنَّ التَّابوت هو الصُّندوق الذي توضع فيه الأشياء، فيرجع إليه صاحبه عند احتياجه إليه، فقد جعلنا فيه معنى الرجوع.
والمشهور أن يوقف على تائه بتاءٍ من غير إبدالها هاءً ؛ لأنَّها إمَّا أصلٌ إن كان وزنه فاعولاً، وإمَّا زائدةٌ لغير التَّأنيث كملكوت، ومنهم من يقلبها هاءً، وقد قرئ بها شاذّاً، قرأها أُبيّ، وزيد بن ثابت، وهي لغة الأنصار، ويحكى أنهم لمَّا كتبوا المصاحف زمن عثمان - رضي الله عنه - اختلفوا فيه فقال زيد :»
بالهَاءِ «، وقال :[ أُبَيّ :] » بالتَّاءِ «، فجاءوا عثمان فقال :» اكْتبوه على لغة قريش « يعني بالتَّاءِ.
وهذه الهاء هل هي أصل بنفسها، فيكون فيه لغتان، ووزنه على هذا فاعول ليس إلاَّ، أو بدلٌ من التَّاء ؛ لأنها قريبةٌ منها لاجتماعهما في الهمس، أو إجراءٌ لها مجرى تاء التَّأنيث ؟ قال الزَّمخشريُّ :»
فإنْ قلت : ما وزنُ التابوت ؟ قلت : لا يَخْلو أن يَكُونَ فَعَلوتاً، أو فاعُولاً، فلا يَكُونُ فاعُولاً لقلته نحو سَلِسٌ وقَلِقٌ « يعني : في الأوزان العربيَّة، ولا يجوز ترك المعروف [ إليه ] فهو إذاً فعلوت من التَّوب وهو الرُّجوع ؛ لأنَّه ظرفٌ تودع فيه الأشياء، فيرجع إليه كلَّ وقتٍ.
وأمَّا من قرأ بالهاء فهو فاعول عنده، إلاَّ من يجعل هاءه بدلاً من التَّاء لاجتماعهما في الهمس، ولأنَّهما من حروف الزِّيادة، ولذلك أُبدلت من تاء التَّأنيث. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٤ صـ ٢٧٣ ـ ٢٧٤﴾


الصفحة التالية
Icon