وذلك أن الله تعالى ذكره قال مخبرا عن نبيه في ذلك الزمان قوله لقومه من بني إسرائيل :" إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت"، و" الألف واللام" لا تدخلان في مثل هذا من الأسماء إلا في معروف عند المتخاطبين به. وقد عرفه المخبر والمخبر. فقد علم بذلك أن معنى الكلام : إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت الذي قد عرفتموه، الذي كنتم تستنصرون به، فيه سكينة من ربكم. ولو كان ذلك تابوتا من التوابيت غير معلوم عندهم قدره ومبلغ نفعه قبل ذلك، لقيل : إن آية ملكه أن يأتيكم تابوت فيه سكينة من ربكم.
فإن ظن ذو غفلة أنهم كانوا قد عرفوا ذلك التابوت وقدر نفعه وما فيه وهو عند موسى ويوشع، فإن ذلك ما لا يخفى خطؤه. وذلك أنه لم يبلغنا أن موسى لاقى عدوا قط بالتابوت ولا فتاه يوشع، بل الذي يعرف من أمر موسى وأمر فرعون ما قص الله من شأنهما، وكذلك أمره وأمر الجبارين. وأما فتاه يوشع، فإن الذين قالوا هذه المقالة، زعموا أن يوشع خلفه في التيه حتى رد عليهم حين ملك طالوت. فإن كان الأمر على ما وصفوه، فأي الأحوال للتابوت الحال التي عرفوه فيها، فجاز أن يقال : إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت الذي قد عرفتموه وعرفتم أمره ؟ وفي فساد هذا القول بالذي ذكرنا، أبين الدلالة على صحة القول الآخر، إذ لا قول في ذلك لأهل التأويل غيرهما. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٥ صـ ٢٢٤ ـ ٢٢٥﴾
فائدة
قال أبو حيان :
ونسبة الإتيان إلى التابوت مجاز لأن التابوت لا يأتي، إنما يؤتى به، كقوله :﴿فإذا عزم الأمور﴾ ﴿فما ربحت تجارتهم﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٠﴾
قال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon