ودعوى الإقحام والزيادة في الأسماء لا يذهب إليه نحوي محقق، وقول الزمخشري : والآل مقحم لتفخيم شأنهما إن عنى بالإقحام ما يدل عليه أول كلامه في قوله : ويجوز أن يراد مما تركه موسى وهارون، فلا أدري كيف يفيد زيادة آل تفخيم شأن موسى وهارون ؟ وإن عنى بالآل الشخص، فإنه يطلق على شخص الرجل آله، فكأنه قيل : مما ترك موسى وهارون أنفسهما، فنسب تلك الأشياء العظيمة التي تضمنها التابوت إلى أنها من بقايا موسى وهارون شخصيهما، أي أنفسهما لا من بقايا غيرهما، فجرى آل هنا مجرى التوكيد الذي يراد به : أن المتروك من ذلك الخير هو منسوب لذات موسى وهارون، فيكون في التنصيص عليهما ذاتهما تفخيم لشأنهما، وكان ذلك مقحماً لأنه لو قيل : مما ترك موسى وهارون لاكتفى، وكان ظاهر ذلك أنهما أنفسهما، تركا ذلك وورث عنهما. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧١ ـ ٢٧٢﴾
قوله تعالى ﴿تحمله الملائكة﴾
قال أبو حيان :
قرأ مجاهد : يحمله، بالياء من أسفل، والضمير يعود على التابوت، وهذه الجملة حال من التابوت، أي حاملاً له الملائكة، ويحتمل الاستئناف، كأنه قيل : ومن يأتي به وقد فقد ؟ فقال :﴿تحمله الملائكة﴾ استعظاماً لشأن هذه الآية العظيمة، وهو أن الذي يباشر إتيانه إليكم الملائكة الذين يكونون معدين للأمور العظام، ولهم القوّة والتمكين والاطلاع بأقدار الله لهم على ذلك، ألا ترى إلى تلقيهم الكتب الإلهية وتنزيلهم بها على من أوحي إليهم، وقلبهم مدائن العصاة، وقبض الأرواح، وإزجاء السحاب، وحمل العرش، وغير ذلك من الأمور الخارقة، والمعنى : تحمله الملائكة إليكم.
قال ابن عباس : جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض، وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت.
قال وهب : قالوا لنبيهم : انعت وقتاً تأتينا به! فقال : الصبح، فلم يناموا ليلتهم حتى سمعوا حفيف الملائكة بين السماء والأرض.


الصفحة التالية
Icon