قال الحرالي : هذه المضاعفة أول إنبائها أن الزائد ضعف ليس كسراً من واحد المقرض ليخرج ذلك عن معنى وفاء القضاء فإن المقترض تارة يوفي على الواحد كسراً من وزنه، " كان رسول الله ﷺ لا يقترض قرضاً إلا وفى عليه زيادة، وقال : خير الناس أحسنهم قضاء " فأنبأ تعالى أن اقتراضه ليس بهذه المثابة بل بما هو فوق ذلك لأنه يضعف القرض بمثله وأمثاله إلى ما يقال فيه الكثرة ؛ وفي قوله :﴿أضعافاً﴾ ما يفيد أن الحسنة بعشر، وفي قوله :﴿كثيرة﴾ ما يفيد البلاغ إلى فوق العشر وإلى المائة كأنه المفسر في قوله بعد هذا ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله﴾ [ البقرة : ٢٦١ ]، فأوصل تخصيص هذه الكثرة إلى المئين ثم فتح باب التضعيف إلى ما لا يناله علم العالمين في قوله :﴿والله يضاعف لمن يشاء﴾ [ البقرة : ٢٦١ ] - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٦٨ ـ ٤٦٩﴾
وقال ابن عاشور :
قوله تعالى :﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾
اعتراض بين جملة :﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم﴾ [ البقرة : ٢٤٣ ] إلى آخرها، وجملة ﴿ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل﴾ [ البقرة : ٢٤٦ ] الآية، قصد به الاستطراد للحث على الإنفاق لوجه الله في طرق البر، لمناسبة الحث على القتال، فإن القتال يستدعي إنفاق المقاتل على نفسه في العُدَّة والمَؤُونة مع الحث على إنفاق الواجد فضلاً في سبيل الله بإعطاء العُدَّة لمن لا عُدَّة له، والإنفاق على المعسرين من الجيش، وفيها تبيين لمضمون جملة :﴿واعلموا أن الله سميع عليم﴾ [ البقرة : ٢٤٤ ] فكانت ذات ثلاثة أغراض. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٨١﴾