والقرض : السلف، وهو بذل شيء ليرد مثله أو مساويه، واستعمل هنا مجازاً في البذل الذي يرجى الجزاء عليه تأكيداً في تحقيق حصول التعويض والجزاء.
ووصف القرض بالحسن لأنه لا يرضَى الله به إلاَّ إذا كان مبرَّأً عن شوائب الرياء والأذى، كما قال النابغة :
ليست بذات عقارب
وقيل : القرض هنا على حقيقته وهو السلف، ولعله علق باسم الجلالة لأن الذي يُقرض الناس طمعاً في الثواب كأنه أقرض الله تعالى ؛ لأن القرض من الإحسان الذي أمر الله به وفي معنى هذا ما جاء في الحديث القدسي " أن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه " الحديث.
وقد رووا أن ثواب الصدقة عشْر أمْثالها وثواب القرض ثمانية عشر من أمثاله. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٨١ ـ ٤٨٢﴾
وقال القرطبى :
واستدعاء القرض في هذه الآية إنما هو تأنيس وتقريب للناس بما يفهمونه، والله هو الغنى الحميد ؛ لكنه تعالى شَبّه عطاء المؤمن في الدنيا بما يرجو به ثوابه في الآخرة بالقرض كما شبّه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة بالبيع والشراء، حسب ما يأتي بيانه في " براءة" إن شاء الله تعالى.
وقيل المراد بالآية الحث على الصدقة وإنفاق المال على الفقراء والمحتاجين والتوسعة عليهم، وفي سبيل الله بنصرة الدِّين.
وكَنَى الله سبحانه عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيباً في الصدقة، كما كنى عن المريض والجائع والعطشان بنفسه المقدَّسة عن النقائص والآلام.


الصفحة التالية
Icon