وعطف الأبناء على الديار لأن الإخراج يطلق على إبعاد الشيء من حيزه، وعلى إبعاده من بين ما يصاحبه، ولا حاجة إلى دعوى جعل الواو عاطفة عاملاً محذوفاً تقديره وأبعدنا عن أبنائنا. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٨٦ ـ ٤٨٧﴾
قال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿وقد أُخرجنا من ديارنا﴾ يعنون : أُخرج بعضنا، وهم الذين سبوا منهم وقهروا، فظاهره العموم، ومعناه الخصوص. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٢٩٢﴾
قوله تعالى :﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ﴾ أي فرِض عليهم ﴿القتال تَوَلَّوْاْ﴾ أخبر تعالى أنه لما فَرض عليهم القتال ورَأُوا الحقيقة ورجعت أفكارهم إلى مباشرة الحرب وأن نفوسهم ربما قد تذهب " تَوَلَّوْا" أي اضطربت نياتُهم وفَتَرت عزائمهم، وهذا شأن الأُمم المتنعِّمَة المائلة إلى الدَّعَة تتمنّى الحرب أوقات الأنفة فإذا حَضرتِ الحرب كَعَّت وانقادت لِطبعها.
وعن هذا المعنى نهى النبيّ ﷺ بقوله :" لا تتمنوا لِقاء العدوّ وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا " رواه الأئمة.
ثم أخبر الله تعالى عن قليل منهم أنهم ثَبَتُوا على النية الأُولى واستمرّت عزيمتهم على القتال في سبيل الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٤٤ ـ ٢٤٥﴾
وقال الفخر :
أما قوله :﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال تَوَلَّوْاْ﴾ فاعلم أن في الكلام محذوفاً تقديره : فسأل الله تعالى ذلك فبعث لهم ملكاً وكتب عليهم القتال فتولوا.
أما قوله :﴿إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ﴾ فهم الذين عبروا منهم النهر وسيأتي ذكرهم، وقيل : كان عدد هذا القليل ثلثمائة وثلاثة عشر على عدد أهل بدر (١ ) ﴿والله عَلِيمٌ بالظالمين﴾ أي هو عالم بمن ظلم نفسه حين خالف ربه ولم يف بما قيل من ربه، وهذا هو الذي يدل على تعلق هذه الآية بقوله قبل ذلك :﴿وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله﴾ فكأنه تعالى أكد وجوب ذلك بأن ذكر قصة بني إسرائيل في الجهاد وعقب ذلك بأن من تقدم على مثله فهو ظالم والله أعلم بما يستحقه الظالم وهذا بين في كونه زجراً عن مثل ذلك في المستقبل وفي كونه بعثاً على الجهاد، وأن يستمر كل مسلم على القيام بذلك، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤٦﴾
(١ ) الجزم بهذا العدد يفتقر إلى سند صحيح فإن وجد قلنا به وإلا وجب التوقف والسكوت عند ما أخبر القرآن. والله أعلم.