أو يكون معناه : ثم أحياهم وقال لهم : قاتلوا في سبيل الله، ثم أسقط" القول"، كما قال تعالى ذكره :( إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ) [سورة السجدة : ١٢]، بمعنى يقولون : ربنا أبصرنا وسمعنا. وذلك أيضا إنما يجوز في الموضع الذي يدل ظاهر الكلام على حاجته إليه، ويفهم السامع أنه مراد به الكلام وإن لم يذكر. فأما في الأماكن التي لا دلالة على حاجة الكلام إليه، فلا وجه لدعوى مدع أنه مراد فيها. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٥ صـ ٢٨١ ـ ٢٨٢﴾
وقال أبو حيان :
والذي يظهر القول الأول، وأن هذه الآية ملتحمة بقوله :﴿حافظوا على الصلوات﴾ وبقوله :﴿فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً﴾ لأن في هذا إشعاراً بلقاء العدو، ثم ما جاء بين هاتين الآيتين جاء كالاعتراض، فقوله :﴿وللمطلقات متاع بالمعروف﴾ تتميم أو توكيد لبعض أحكام المطلقات، وقوله :﴿ألم تر إلى الذين﴾ اعتبار بمن مضى ممن فرّ من الموت، فمات، أن لا ننكص ولا نحجم عن القتال، وبيان المقاتل فيه، وأنه سبيل الله فيه حث عظيم على القتال، إذ كان الإنسان يقاتل للحمية، ولنيل عرض من الدنيا، والقتال في سبيل الله مورث للعز الأبدي والفوز السرمدي. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٦١﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
وجملة :﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾ الآية هي المقصود الأول، فإن ما قبلها تمهيد لها كما علمتَ، وقد جعلت في النظم معطوفة على جملة ﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم﴾ عطفاً على الاستئناف، فيكون لها حكم جملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً، ولولا طول الفصل بينها وبين جملة ﴿كتب عليكم القتال وهو كره لكم﴾ [ البقرة : ٢١٦ ]، لقُلنا : إنها معطوفة عليها على أن اتصال الغرضين يُلحقها بها بدون عطف.
وجملة ﴿واعلموا أن الله سميع عليم﴾ حث على القتال وتحذير من تركه بتذكيرهم بإحاطة علم الله تعالى بجميع المعلومات : ظاهرها وباطنها.


الصفحة التالية
Icon