وفي الآية انتقال بديع إلى ذكر جند جالوت والتصريح باسمه، وهو قائد من قواد الفلسطينيين اسمه في كتب اليهود جُلْيَات كان طوله ستة أذرع وشبراً، وكان مسلحاً مدرعاً، وكان لا يستطيع أن يبارزه أحد من بني إسرائيل، فكان إذا خرج للصف عرض عليهم مبارزته وعيرهم بجنبهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٩٨﴾
قال ابن عادل :
قوله تعالى :﴿ والذين آمَنُواْ مَعَهُ ﴾.
ليس المراد منه المعيّة في الإِيمان، لأنَّ إيمانهم لم يكُن مع إِيمان طَالُوت، بل المراد : أَنَّهم جاوزا النَّهر معه لأَنَّ لفظ " مع " لا تقتضي المعيَّة لقوله تعالى :﴿ فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً ﴾ [ الشرح : ٥ ] واليسر لا يكون مع العسر. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٤ صـ ٢٨٦﴾
فصل
قال الفخر :
لا خلاف بين المفسرين أن الذين عصوا الله وشربوا من النهر رجعوا إلى بلدهم ولم يتوجه معه إلى لقاء العدو إلا من أطاع الله تعالى في باب الشرب من النهر، وإنما اختلفوا في أن رجوعهم إلى بلدهم كان قبل عبور النهر أو بعده، وفيه قولان الأول : أنه ما عبر معه إلا المطيع، واحتج هذا القائل بأمور الأول : أن الله تعالى قال :﴿فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه﴾ فالمراد بقوله :﴿الذين ءامَنُواْ مَعَهُ﴾ الذين وافقوه في تلك الطاعة، فلما ذكر الله تعالى كل العسكر، ثم خص المطيعين بأنهم عبروا النهر، علمنا أنه ما عبر النهر أحد إلا المطيعين.
الحجة الثانية : الآية المتقدمة وهي قوله تعالى حكاية عن طالوت ﴿فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنّي﴾ أي ليس من أصحابي في سفري، كالرجل الذي يقول لغيره : لست أنت منا في هذا الأمر، قال : ومعنى ﴿فَشَرِبُواْ مِنْهُ﴾ أي ليتسببوا به إلى الرجوع، وذلك لفساد دينهم وقلبهم.