قوله تعالى :﴿ قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ الله ﴾.
قال ابن عرفة : إن أريد الملاقاة بالإطلاق فهي بمعنى العلم وإن أريد الملاقاة حينئذ فالظن على بابه لأن الإنسان لا علم له بزمن موته.
قال ( ابن عرفة ) : وعبر عنهم بهذا إشارة إلى ما قاله بعضهم في رسالة :" من أحب الممات حيي ومن أحب الحياة مات ".
قوله تعالى :﴿ بِإِذْنِ الله ﴾.
قال ابن عرفة : قال ابن عطية : إذنُ الله هنا تمكينه وعلمه بمجموع ذلك الإذن.
( ابن عرفة : كذا يقول في كل موضع ) والصواب أنّ معناه بقدرة الله وفضله وإرادته.
قال ابن عرفة : وهذا إما أن بعضهم قاله لبعض أو قالوه كلهم لأنفسهم ( تشجيعا ) لها وتوطينا على الصبر على القتال والهجوم عليه.
قوله تعالى :﴿ والله مَعَ الصابرين ﴾.
قالوا : هذا إما من كلامهم أو من كلام الله تعالى.
ابن عرفة :( والصواب أنه من كلامهم لأن فيه تشجيعا لأنفسهم وحضا لها على المقاتلة وأما إن كان من قوله الله تعالى ) خطابا لنبيه ﷺ فهو بعد انفصال تلك القضية فلا مناسبة لها، انتهى. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٧٠٤ ـ ٧٠٩﴾
موعظة
قال بعض الحكماء : الدنيا كنهر طالوت، لا ينجو منها إلا من لم يشربْ أو اغترف غرفةً بيده، فمن أخذ منها قَدْرَ الضرورةِ كَفَتْه، ونَشَطَ لعبادة مولاه، ومن أخذ فوق الحاجة حُبس في سجنها، وكان أسيراً في يدها.
وقال بعضهم : طالبُ الدنيا كشارب ماءِ البحر، كلما زاد شربه ازداد عطشه. ه. وقال ﷺ :" من أُشرب قلبه حُبَ الدنيا التاط منها بثلاث : بشغل لا ينفد عناه، وأمل لا يبلغ منتهاه، وحرص لا يدرك مداه " وقال عيسى عليه السلام : الدنيا مزرعة لإبليس، وأهلها حراث له. أ هـ.
وقال عليّ رضي الله عنه : الدنيا كالحية : لَيِّن مسها، قاتل سمها، فكن أحذر ما تكونُ منها، أَسَرَّ ما تكون بها ؛ فإن من سكن منها إلى إيناس أزاله عنها إيحاش.