قوله :﴿ لاَ طَاقَةَ لَنَا اليوم ﴾ [ لنَا ] هو : خبر " لا "، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، ولا يجوزُ أن يتعلَّقَ بطاقة، وكذلك ما بعده من قوله " اليَومَ " و" بِجَالُوتَ " ؛ لأنه حينئذٍ يصير مُطَوَّلاً والمُطَوَّلُ ينصبُ منوناً، وهذا كما تراهُ مبنياً على الفتح، بل " اليَوْمَ " و" بِجَالُوتَ " متعلِّقان بالاستقرار الَّذي تعلَّق به " لنَا ".
وأجاز أبو البقاء : أن يكون " بِجَالُوتَ " هو خبرَ " لا "، و" لنَا " حينئذٍ : إِمَّا تبيينٌ أو متعلِّقٌ بمحذوف على أَنَّه صفةٌ لطاقة.
والطَّاقةُ : القُدرةُ وعينُها واو ؛ لأَنَّها مِنَ الطَّوقِ وهو القُدرةُ، وهي مصدرٌ على حذفِ الزَّوائدِ، فإِنَّها من " أَطَاقَ " ونظيرها : أجَابَ جابةً، وأَغَارَ غارةً، وَأَطَاعَ طَاعةً.
و" جالوت " اسمٌ أعجميٌّ ممنوعُ الصرفِ، لا اشتقاقَ له، وليس هو فَعَلوتاً من جال يَجُول، كما تقدَّم في طَالُوت، ومثلهما داود.
قوله :﴿ كَم مِّن فِئَةٍ ﴾ " كَمْ " خبريةٌ، فإنَّ معناها التَّكثيرُ، ويدلُّ على ذلك قراءة أبي :" وكَائِن "، وهي للتكثير، ومحلُّها الرَّفعُ بالابتداء، و" مِنْ فِئَةٍ " تمييزُها، و" مِنْ " زائدةٌ فيه. وأكثرُ ما يجيءُ مميِّزها، ومميِّز " كَائِن " مجروراً بمِنْ، ولهذا جاء التنزيلُ على ذلك، وقد تُحْذفُ " مِنْ " فيُجَرُّ مميِّزها بالإِضافة لا بمِنْ مقدرةً على الصَّحيح، وقد يُنصَبُ حَمْلاً على مُميِّز " كَم " الاستفهامية، كما أَنَّهُ قد يُجَرُّ مميِّز الاستفهاميّةِ حَمْلاً عليها، وذلك بشروطٍ ذكرها النُّحاةُ.
قال الفرَّاء : لو ألغيت " مِنْ " ها هنا جاز فيه الرَّفع والنَّصبُ والخفضُ.