وثانياً : ثبات القدم والقوة على مقاومة العدوّ حيث أن الصبر قد يحصل لمن لا مقاومة له،
وثالثاً : العمدة والمقصود من المحاربة وهو النصرة على الخصم حيث إن الشجاعة بدون النصرة طريق عتبته عن النفع خارجة، وقيل : إنما طلبوا
أولاً : إفراغ الصبر لأنه ملاك الأمر،
وثانياً : التثبيت لأنه متفرع عليه،
وثالثاً : النصر لأنه الغاية القصوى،
واعترض هذا بأنه يقتضي حينئذٍ التعبير بالفاء لأنها التي تفيد الترتيب،
وأجيب بأن الواو أبلغ لأنه عول في الترتيب على الذهن الذي هو أعدل شاهد كما ذكر السكاكي. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢ صـ ١٧٣﴾
فائدة بلاغية
قال ابن عاشور :
عبروا عن إلهامهم إلى الصبر بالإفراغ استعارة لقوة الصبر فإن القوة والكثرة يتعاوران الألفاظَ الدالة عليهما، كقول أبي كبير الهذلي :
كثير الهوى شَتَّى النوى والمسالك...
وقد تقدم نظيره، فاستعير الإفراغ هنا للكثرة مع التعميم والإحاطة وتثبيت الأقدام استعارة لعدم الفرار شبه الفرار والخوف بزلق القدم، فشبه عدمه بثبات القدم في المأزق. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٩٩﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
كان أهم أمورهم الصبر والوقوف للعدو، ثم بعده النصرة عليهم فإن الصبر حق الحق، والنصرة نصيبهم، فقدَّموا تحقيق حقه - سبحانه - وتوفيقه لهم، ثم وجود حظِّهم من النصرة، ثم أشاروا إلى أنهم يطلبون النصرة عليهم - لا للانتقام منهم لأَجْل ما فاتهم من نصيبهم - ولكن لكونهم كافرين، أعداء الله.
فقاموا بكل وجهٍ لله بالله ؛ فلذلك نُصِرُوا وَوَجدوا الظفر. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ١٩٤﴾
من فوائد ابن عرفة فى الآية
قوله تعالى :﴿ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً... ﴾.
دَعَوْا بالأمر المعنوي وهو الصبر وبالحسي ( والمراد ) بتثبيت الأقدام عدم الرجوع على الأعقاب، وليس المراد الوقوف في موضع واحد وابتدؤوا في الدعاء بالصبر لأنه سبب في تثبيت الأقدام.