فإن قيل : إنه تعالى لما ذكر إنه آتاه الحكمة، وكان المراد بالحكمة النبوة، فقد دخل العلم في ذلك، فلم ذكر بعده ﴿علمه مِمَّا يَشَاء ﴾.
قلنا : المقصود منه التنبيه على أن العبد قط لا ينتهي إلى حالة يستغني عن التعلم، سواء كان نبياً أو لم يكن، ولهذا السبب قال لمحمد ﷺ :﴿وَقُل رَّبّ زِدْنِى عِلْماً﴾ [ طه : ١١٤ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٦٠ ـ ١٦١﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وعلمه مما يشاء ﴾وقيل : الزبور، وقيل : الصوت الطيب والألحان، قيل : ولم يعط الله أحداً من خلقه مثل صوته، كان إذا قرأ الزبور تدنو الوحوش حتى يأخذ بأعناقها، وتظله الطير مصيخة له، ويركد الماء الجاري، وتسكن الريح، وما صنعت المزامير والصنوج إلاَّ على صوته. (١)
وقيل :﴿ مما يشاء ﴾ فعل الطاعات والأمر بها، واجتناب المعاصي.
والضمير الفاعل في : يشاء عائد على داود أي : مما يشاء داود. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٨﴾
وقال الآلوسى :
الضمير المستتر راجع إلى الله تعالى، وعوده إلى داود كما قال السمين ضعيف لأن معظم ما علمه تعالى له مما لا يكاد يخطر ببال، ولا يقع في أمنية بشر ليتمكن من طلبه ومشيئته. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢ صـ ١٧٣﴾
قوله تعالى :﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
(١) هذا الكلام يفتقر إلى سند.