وقال ابن عمر قال النبي ﷺ :" إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة من أهل بيته وجيرانه البلاء " ثم قرأ ابن عمر " وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ".
وقيل : هذا الدفع بما شرع على ألْسِنَة الرسل من الشرائع، ولولا ذلك لتسالب الناس وتناهبوا وهلكوا، وهذا قول حسن فإنه عموم في الكف والدفع وغير ذلك فتأمّله. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٦٠ ـ ٢٦١﴾
وقال أبو حيان :
والذي يظهر : أن المدفوع بهم هم المؤمنون، ولولا ذلك لفسدت الأرض، لأن الكفر كان يطبقها ويتمادى في جميع أقطارها، ولكنه تعالى لا يخلي زماناً من قائم يقوم بالحق ويدعو إلى الله تعالى، إلى أن جعل ذلك في أمّة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال الزمخشري : لولا أن الله يدفع بعض الناس ببعض، ويكف بهم فسادهم، لغلب المفسدون، وفسدت الأرض، وبطلت منافعها، وتعطلت مصالحها من الحرث والنسل وسائر ما يعمر الأرض. انتهى.
وهو كلام حسن. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٧٩﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى ذكر في هذه الآية المدفوع والمدفوع به، فقوله :﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُم﴾ إشارة إلى المدفوع، وقوله :﴿بِبَعْضِ﴾ إشارة إلى المدفوع به، فأما المدفوع عنه فغير مذكور في الآية، فيحتمل أن يكون المدفوع عنه الشرور في الدين ويحتمل أن يكون المدفوع عنه الشرور في الدنيا، ويحتمل أن يكون مجموعهما.
أما القسم الأول : وهو أن يكون المدفوع عنه الشرور في الدين، فتلك الشرور إما أن يكون المرجع بها إلى الكفر، أو إلى الفسق، أو إليهما، فلنذكر هذه الاحتمالات.


الصفحة التالية
Icon