وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : إِنَّ الْأُسْلُوبَ يُؤَيِّدُهُ وَيَقْتَضِيهِ ; أَيْ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي بَيَانِ الْعِبْرَةِ لِلْأُمَمِ الَّتِي تَتَّبِعُ الرُّسُلَ، وَالتَّشْنِيعِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ وَاقْتِتَالِهِمْ مَعَ أَنَّ دِينَهُمْ وَاحِدٌ فِي جَوْهَرِهِ، وَالْمَوْجُودُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمُسْلِمُونَ، فَالْمُنَاسِبُ تَخْصِيصُ رُسُلِهِمْ بِالذِّكْرِ، وَلَعَلَّ ذِكْرَ آخِرِهِمْ فِي الْوَسَطِ لِلْإِشْعَارِ بِكَوْنِ شَرِيعَتِهِ وَكَذَا أُمَّتِهِ وَسَطًا.
أَقُولُ : وَمِنْ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ مَا هُوَ خُصُوصِيَّةٌ فِي نَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي كِتَابِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي أُمَّتِهِ، وَآيَاتُ الْقُرْآنِ تُنْبِئُ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ الْقَلَمِ :
وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [٦٨ : ٤] وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ نِعَمَهُ عَلَى أَشْهَرِهِمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [٢١ : ١٠٧] وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ هَذَا فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ.