وهي مصدر وسن يَسِنُ ؛ مثل : وَعَد، يَعِد، وقد تقدَّم علة الحذف عند قوله ﴿ سَعَةً مِّنَ المال ﴾ [ البقرة : ٢٤٧ ].
قوله :﴿ لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ هي كالتي قبلها إلاَّ في كونها تأكيداً، و" ما " للشُّمول، واللاّم في " لَهُ " للملك، وكرَّر " مَا " تأكيداً، وذكرها هنا المظروف دون الظرف ؛ لأنَّ المقصود نفي الإلهيَّة عن غير الله تعالى، وأنه لا ينبغي أن يعبد إلاّ هو، لأنَّ ما عبد من دونه في السَّماء كالشَّمس، والقمر، والنجوم أو في الأرض كالأصنام وبعض بني آدم، فكلُّهم ملكه تعالى تحت قهره، واستغنى عن ذكر أنَّ السَّموات، والأرض ملكٌ له بذكره قبل ذلك أنه خالق السَّموات والأرض.
قوله :﴿ مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ ﴾ كقوله :﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ].
قال القرطبيُّ :" مَنْ " رفع بالابتداء، و" ذَا " خبره، و" الَّذِي " نعتٌ لـ " ذَا "، أو بدل ولا يجوز أن تكون " ذا " زائدة كما زيدت مع " مَا " ؛ لأنَّ " ما " مبهمة، فزيدت " ذا " معها لشبهها بها.
و" مَنْ "، وإن كان لفظها استفهاماً فمعناه النَّفي، ولذلك دخلت " إلاَّ " في قوله :﴿ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾.
و" عِنْدَهُ " فيه وجهان :
أحدهما : أنَّه متعلِّق بيشفع.
والثاني : أنه متعلِّق بمحذوف لكونه [ حالاً ] من الضَّمير في " يَشْفَعُ "، أي : يشفع مستقراً عنده، وقوي هذا الوجه بأنه إذا لم يشفع عنده من هو عنده وقريبٌ منه فشفاعة غيره أبعد وضعَّف بعضهم الحاليَّة بأنَّ المعنى : يشفع إليه.