﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾ بيان لقيوميته وإشارة إلى أن حياته عين ذاته له ما في سموات الأرواح وأرض الأشباح فلا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن ولا يخطر خاطر في بر أو بحر وسر أو جهر إلا بقدرته وإرادته وعلمه ومشيئته ﴿ مَن ذَا الذى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ إذ كلهم له ومنه وإليه وبه ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ من الخطرات ﴿ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ من العثرات، أو ما بين أيديهم من المقامات وما خلفهم من الحالات، أو يعلم منهم ما قبل إيجادهم من كمية استعدادهم وما بعد إنشائهم من العمل بمقتضى ذلك ﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْء مّنْ ﴾ معلوماته التي هي مظاهر أسمائه ﴿ إِلاَّ بِمَا شَاء ﴾ كما يحصل لأهل القلوب من معاينات أسرار الغيوب وإذا تقاصرت الفهوم عن الإحاطة بشيء من معلوماته فأي طمع لها في الإحاطة بذاته هيهات هيهات أني لخفاش الفهم أن يفتح عينه في شمس هاتيك الذات؟ا ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ﴾ الذي هي قلب العارف ﴿ السموات والأرض ﴾ لأنه معدن العلوم الإلهية والعلم اللدني الذي لا نهاية له ولا حد، ومن هنا قال أبو يزيد البسطامي : لو وقع العالم ومقدار ما فيه ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به، وقيل : كرسيه عالم الملكوت وهو مطاف أرواح العارفين لجلال الجبروت ﴿ وَلاَ يُؤَدّهِ ﴾ ولا يثقله ﴿ حِفْظُهُمَا ﴾ في ذلك الكرسي لأنهما غير موجودين بدونه


الصفحة التالية
Icon