هَذَا حُكْمُ اللهِ الَّذِي أَبْطَلَهُ التَّقْلِيدُ بِمَا جَعَلَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ وَاجْتِمَاعِ رَأْيِ أُولِي الْأَمْرِ وَالشَّأْنِ مِنَ الْحُجُبِ حَتَّى صَارَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ شِيَعًا فِي أَمْرِ الدِّينِ، هَذَا خَارِجِيٌّ وَهَذَا شِيعِيٌّ، وَهَذَا كَذَا وَهَذَا كَذَا، وَشِيَعًا فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، هَذَا يَتَّبِعُ سُلْطَانَهُ وَيُحَارِبُ لِأَجْلِ هَوَاهُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا يَتَّبِعُ سُلْطَانًا يَعْصِي فِي طَاعَتِهِ نُصُوصَ الدِّينِ، وَقَدْ أَفْضَى الْخِلَافُ إِلَى غَايَةٍ هِيَ شَرُّ الْغَايَاتِ، وَخَاتِمَةٍ هِيَ سُوأَى الْخَوَاتِمِ ; وَهِيَ السُّكُوتُ لِكُلِّ مُبْتَدِعٍ عَلَى بِدْعَتِهِ، وَالرِّضَا مَنْ كُلِّ مُقَلِّدٍ بِجَهَالَتِهِ، وَاتِّفَاقُ سَوَادِ الشِّيَعِ كُلِّهَا عَلَى الْإِنْكَارِ وَالتَّشْنِيعِ عَلَى مَنْ يَدْعُو إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ إِنَّكَ لَتَجِدُ فِي حَمَلَةِ الْعَمَائِمِ، وَسَكَنَةِ الْأَثْوَابِ الْعَبَاعِبِ مَنْ لَا يُنْكِرُ عَلَى التِّلْمِيذِ الْمُبْتَدِئِ أَنْ يَقْرَأَ الْكُتُبَ وَالصُّحُفَ الَّتِي تَطْعَنُ كَبِدَ الدِّينِ، وَتُحَاوِلُ هَدْمَ بِنَائِهِ الْمَتِينِ، وَيُنْكِرُ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ كِتَابٍ أَوْ صَحِيفَةٍ تَدْعُوهُ إِلَى كِتَابِ رَبِّهِ وَهَدْيِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَيَعُدُّ هَذَا الْإِنْكَارَ غَيْرَةً عَلَى الدِّينِ وَخِدْمَةً لَهُ ! ! فَأَيُّ بُعْدٍ عَنْهُ أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْبُعْدِ، وَأَيُّ أَثَرٍ لِلتَّقْلِيدِ شَرٌّ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ ؟