" وَالصِّنْفُ الثَّانِي : الْبُلْهُ. وَهُمْ جَمِيعُ الْعَوَامِّ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِطْنَةٌ لِفَهْمِ الْحَقَائِقِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ فِطْنَةٌ فِطْرِيَّةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ دَاعِيَةُ الطَّلَبِ، بَلْ شَغَلَتْهُمُ الصِّنَاعَاتُ وَالْحِرَفُ. وَلَيْسَ فِيهِمْ أَيْضًا دَاعِيَةُ الْجَدَلِ بِخِلَافِ الْمُتَكَايِسِينَ فِي الْعِلْمِ مَعَ قُصُورِ الْفَهْمِ عَنْهُ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَخْتَلِفُونَ وَلَا يَتَخَيَّرُونَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْمُخْتَلِفِينَ. فَأَدْعُو هَؤُلَاءِ إِلَى اللهِ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا أَدْعُو أَهْلَ الْبَصِيرَةِ بِالْحِكْمَةِ، وَأَدْعُو أَهْلَ الشَّغَبِ بِالْمُجَادَلَةِ، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكَ أَوَّلًا، فَأَقُولُ لَهُمْ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ : عَلِّمْنِي مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ. فَعَلِمَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ : وَمَاذَا عَمِلْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ ؟ أَيِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى


الصفحة التالية
Icon