" فَإِنْ قَالَ : لَا بُدَّ مِنْ دِينٍ أَعْتَقِدُهُ وَأَعْمَلُ بِهِ لِأَصِلَ إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْأَدْيَانِ، فَبِأَيِّ دِينٍ تَأْمُرُنِي أَنْ آخُذَ أَوْ أُعَوِّلَ عَلَيْهِ ؟ فَأَقُولُ لَهُ : لِلدِّينِ أُصُولٌ وَفُرُوعٌ، وَالِاخْتِلَافُ إِنَّمَا يَقَعُ فِيهِمَا، أَمَّا الْأُصُولُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تَعْتَقِدَ فِيهَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَسْتُرْ عَنْ عِبَادِهِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَاءَهُ فَعَلَيْكَ أَنْ تَعْتَقِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ اللهَ حَيٌّ عَالِمٌ قَادِرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ جَبَّارٌ مُتَكَبِّرٌ قُدُّوسٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ - إِلَى جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فَذَلِكَ كَافٍ فِي صِحَّةِ الدِّينِ وَإِنْ تَشَابَهَ عَلَيْكَ شَيْءٌ فَقُلْ : آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [٣ : ٧] وَاعْتَقِدْ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَنَفْيِهَا عَلَى غَايَةِ التَّعْظِيمِ وَالتَّقْدِيسِ، مَعَ نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ وَاعْتِقَادِ أَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَبَعْدَ هَذَا لَا تَلْتَفِتْ إِلَى الْقِيلِ وَالْقَالِ، فَإِنَّكَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ وَلَا هُوَ عَلَى حَدِّ طَاقَتِكَ، فَإِنْ أَخَذَ يَتَحَذْلَقُ وَيَقُولُ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ عَالِمٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالذَّاتِ أَوْ بِعِلْمٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْأَشْعَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ، فَقَدْ خَرَجَ بِهَذَا عَنْ حَدِّ الْعَوَامِّ; إِذِ الْعَامِّيُّ لَا يَلْتَفِتُ قَلْبُهُ إِلَى هَذَا مَا لَمْ يُحَرِّكْهُ شَيْطَانُ الْجَدَلِ فَإِنَّ اللهَ لَا يُهْلِكُ قَوْمًا إِلَّا يُؤْتِهِمُ الْجَدَلَ، كَذَلِكَ وَرَدَ الْخَبَرُ وَإِذَا


الصفحة التالية
Icon