﴿ ولكن اختلفوا ﴾ استدراك من الشرطية أشير به إلى قياس استثنائي مؤلف من وضع نقيض مقدمها منتج لنقيض تاليها إلا أنه قد وضع فيه الاختلاف موضع نقيض المقدم المترتب عليه للإيذان بأن الاقتتال ناشيء من قبلهم وسوء اختيارهم لا من جهته تعالى ابتداءاً كأنه قيل : ولكن لم يشأ عدم اقتتالهم لأنهم اختلفوا اختلافاً فاحشاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٣﴾
قوله تعالى :﴿ فمنهم من آمن ومنهم من كفر ﴾
قال أبو حيان :
قوله تعالى :﴿ فمنهم من آمن ومنهم من كفر ﴾ من آمن بالتزامه دين الرسل واتباعهم، ومن كفر بإعراضه عن اتباع الرسل حسداً وبغياً واستئثاراً بحطام الدنيا. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٨٤﴾
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما تقدم أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً وأنزل معهم كتباً، وأنهم تعبوا ومستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى جمعوا الناس على الحق، وأن أتباعهم اختلفوا بعد ما جاءتهم البينات كان مما يتوجه النفس للسؤال عنه سبب اختلافهم، فبين أنه مشيئته سبحانه وتعالى لا غير إعلاماً بأنه الفاعل المختار فكان التقدير : ولو شاء الله سبحانه وتعالى لساوى بين الرسل في الفضيلة، ولو شاء لساوى بين أتباعهم في قبول ما أتوا به فلم يختلف عليهم اثنان، ولكنه لم يشأ ذلك فاختلفوا عليهم وهم يشاهدون البينات، وعطف عليه قوله تسلية لنبيه ﷺ لافتاً القول إلى التعبير بالجلالة إشارة إلى أن الاختلاف مع دلالة العقل على أنه لا خير فيه شاهد للخالق بجميع صفات الجلال والجمال ﴿ولو شاء الله﴾ أي الذي له جميع الأمر.
قال الحرالي : وهي كلمة جامعة قرآنية محمدية تشهد الله وحده وتمحو عن الإقامة ما سواه - انتهى.
﴿ما اقتتل﴾ أي ما تكلف القتال مع أنه مكروه للنفوس ﴿الذين من بعدهم﴾ لاتفاقهم على ما فارقوا عليه نبيهم من الهدى.


الصفحة التالية
Icon