ثم قال :﴿ولكن اختلفوا فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ﴾ فقد ذكرنا في أول الآية أن المعنى : ولو شاء لم يختلفوا، وإذا لم يختلفوا لم يقتتلوا، وإذا اختلفوا فلا جرم اقتتلوا، وهذه الآية دالة على أن الفعل لا يقع إلا بعد حصول الداعي، لأنه بين أن الاختلاف يستلزم التقاتل، والمعنى أن اختلافهم في الدين يدعوهم إلى المقاتلة، وذلك يدل على أن المقاتلة لا تقع إلا لهذا الداعي، وعلى أنه متى حصل هذا الداعي وقعت المقاتلة، فمن هذا الوجه يدل على أن الفعل ممتنع الوقوع عند عدم الداعي، وواجب عند حصول الداعي، ومتى ثبت ذلك ظهر أن الكل بقضاء الله وقدره، لأن الدواعي تستند لا محالة إلى داعية يخلقها الله في العبد دفعاً للتسلسل، فكانت الآية دالة أيضاً من هذا الوجه على صحة مذهبنا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٧٣﴾
قوله تعالى :﴿وَلَوْ شَاءَ الله مَا اقتتلوا﴾
سؤال : فإن قيل : فما الفائدة في التكرير ؟.
قلنا : قال الواحدي رحمه الله تعالى : إنما كرره تأكيداً للكلام وتكذيباً لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم ولم يجر به قضاء ولا قدر من الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٧٣ ـ ١٧٤﴾
قوله تعالى :﴿ولكن الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾
قال أبو حيان :
﴿ ولكن الله يفعل ما يريد ﴾ هذا يدل على أن ما أراد الله فعله فهو كائن لا محالة، وإن إرادة غيره غير مؤثرة، وهو تعالى المستأثر بسر الحكمة فيما قدّر وقضى من خير وشر، وهو فعله تعالى.
وقال الزمخشري : ولكنّ الله يفعل ما يريد من الخذلان والعصمة، وهذا على طريقة الاعتزالية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٨٤﴾
كلام نفيس فى هذا الموضع للعلامة ابن عاشور
قال رحمه الله :


الصفحة التالية
Icon