لباب التأويل، ج ١، ص : ٣٧٥
جيرانه الضعفاء فلا يحسن إليهم ولا يلوي بنظره عليهم ولأن المختال هو المتكبر ومن كان متكبرا فلا يقوم بحقوق الناس (ق) عن ابن عمر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«لا ينظر اللّه تعالى يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء» (ق) عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«لا ينظر اللّه يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا» (ق) عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته يختال في مشيته إذ خسف اللّه به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة» (خ) عن ابن عمر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :
«بينما رجل ممن كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة (ق)» عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«الفخر والخيلاء في الفدادين من أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم الفدادون هم الفلاحون والحراثون وأصحاب الإبل والبقر المستكبرون منهما المتكبرون على الناس بهما» قوله عز وجل :
[سورة النساء (٤) : آية ٣٧]
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٧)
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ نزلت في اليهود الذين بخلوا ببيان صفة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فكتموها وعلى هذا يكون المراد بالبخل كتمان العلم وقال ابن عباس نزلت في كردم بن زيد ويحيى بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع ويحيى بن عمر وكانوا يأتون رجالا من الأنصار ويخاطبونهم يقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ولا تدرون ما يكون فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية وقيل يحتمل أن يكون المراد بالبخل كتمان العلم ومنع المال لأن البخل في كلام العرب منع السائل من فضل ما لديه وإمساك المقتنيات وفي الشرع البخل عبارة عن إمساك الواجب ومنعه، وإذا كان ذلك أمكن حمله على منع المال ومنع العلم وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يعني اليهود كتموا صفة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وما عندهم من العلم وقيل هم الأغنياء الذين كتموا الغنى وأظهروا الفقر وبخلوا بالمال وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ يعني الجاحدين نعمة اللّه عليهم عَذاباً مُهِيناً يعني في الآخرة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«خصلتان لا يجتمعان في مؤمن : البخل وسوء الخلق» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب قوله عز وجل :
[سورة النساء (٤) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨) وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩) إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠)
وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ يعني للفخار والسمعة وليقال ما أسخاهم وما أجودهم لا يريدون بما أنفقوا وجه اللّه تعالى (م) عن أبي هريرة قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«قال اللّه تبارك وتعالى :«أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» نزلت هذه الآية في اليهود وقيل في المنافقين لأن الرياء ضرب من النفاق، وقيل نزلت في مشركي مكة المنفقين أموالهم في عداوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ يعني ولا يصدقون بتوحيد اللّه ولا بالمعاد الذي فيه جزاء الأعمال أنه كائن وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً يعني من يكن الشيطان صاحبه وخليله فبئس الصاحب وبئس الخليل الشيطان، وإنما اتصل الكلام هنا بذكر الشيطان تقريعا لهم على طاعة الشيطان. والمعنى من يكن عمله بما سول له الشيطان فبئس العمل عمله وقيل هذا في الآخرة يجعل اللّه الشياطين قرناءهم في النار يقرن مع كل كافر شيطان في سلسلة من النار ثم وبخهم اللّه تعالى وعيرهم على ترك الإيمان فقال تعالى : وَما ذا عَلَيْهِمْ يعني وأي شي ء


الصفحة التالية
Icon