لباب التأويل، ج ٢، ص : ٣١٣
وأحرزها والخمس الباقي لخمسة أصناف كما ذكر اللّه عز وجل للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وقال أبو العالية : يقسم خمس الخمس على ستة أسهم سهم للّه عز وجل فيصرف إلى الكعبة القول الأول أصح أي إن خمس الغنيمة يقسم على خمسة أسهم سهم لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان له في حياته واليوم هو لمصالح المسلمين وما فيه قوة الإسلام وهذا قول الشافعي وأحمد. وروى الأعمش عن إبراهيم قال : كان أبو بكر وعمر رضي اللّه تعالى عنهما يجعلان سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم في الكراع والسلاح. وقال قتادة : هو للخليفة. وقال أبو حنيفة :
سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد موته مردود في الخمس فيقسم الخمس على الأربعة الأصناف المذكورين في الآية وهم ذوو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وقوله سبحانه وتعالى : وَلِذِي الْقُرْبى يعني أن سهما من خمس الخمس لذوي القربى وهم أقارب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واختلفوا فيهم فقال قوم هم جميع قريش وقال قوم هم الذين لا تحل لهم الصدقة وقال مجاهد وعلي بن الحسين : هم بنو هاشم. وقال الشافعي رحمه اللّه تعالى : هم بنو هاشم وبنو المطلب وليس لبني عبد شمس ولا لبني نوفل منه شيء وإن كانوا إخوة ويدل عليه ما روي عن جبير بن مطعم «قال جئت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقلت يا رسول اللّه أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» وفي رواية : أعطيت بني المطلب من خمس الخمس وتركتنا وفي رواية قال جبير : ولم يقسم النبي صلى اللّه عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل شيئا أخرجه البخاري وفي رواية أبي داود «أن جبير بن مطعم جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما يقسم من الخمس في بني هاشم وبني المطلب فقلت يا رسول اللّه قسمت لإخواننا بني المطلب ولم تعطنا شيئا وقرابتنا وقرابتهم واحدة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» وفي رواية النسائي قال «لما كان يوم خيبر رفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سهم ذوي القربى في بني هاشم وبني المطلب وترك بني نوفل وبني عبد شمس فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا النبي صلى اللّه عليه وسلم فقلنا : يا رسول اللّه هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك اللّه به منهم فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وقرابتنا واحدة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام وإنما نحن وهم شيء واحد وشبك بين أصابعه» واختلف أهل العلم في سهم ذوي القربى هل هو ثابت اليوم أم لا فذهب
أكثرهم إلى أنه ثابت فيعطي فقراؤهم وأغنياؤهم من خمس الخمس للذكر مثل حظ الأنثيين وهو قول مالك والشافعي وذهب أبو حنيفة وأصحاب الرأي إلى أنه غير ثابت قالوا سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم وسهم ذوي القربى مردود في الخمس فيقسم خمس الغنيمة على ثلاثة أصناف اليتامى والمساكين وابن السبيل فيصرف إلى فقراء ذوي القربى مع هذه الأصناف دون أغنيائهم وحجة الجمهور أن الكتاب والسنة يدلان على ثبوت سهم ذوي القربى وكذا الخلفاء بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانوا يعطون ذوي القربى ولا يفضلون فقيرا على غني، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أعطى العباس بن عبد المطلب مع كثرة ماله وكذا الخلفاء بعده كانوا يعطونه وألحقه الشافعي بالميراث الذي يستحق باسم القرابة غير أنهم يعطون القريب والبعيد قال ويفضل الذكر على الأنثى فيعطى الذكر سهمين والأنثى سهما.
وقوله سبحانه وتعالى : وَالْيَتامى جمع يتيم يعني ويعطى من خمس الخمس لليتامى، واليتيم الذي له سهم في الخمس هو الصغير المسلم الذي لا أب له فيعطى مع الحاجة إليه وَالْمَساكِينِ وهم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين وَابْنِ السَّبِيلِ وهو المسافر البعيد عن ماله فيعطى من خمس الخمس مع الحاجة فهذا مصرف خمس الغنيمة ويقسم أربعة أخماسها الباقية بين الغانمين الذين شهدوا الواقعة وحازوا الغنيمة فيعطى للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه، ويعطى الراجل سهما واحدا لما روي عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم