لباب التأويل، ج ٣، ص : ٢٨٣
الصلاة جامعة فصلّى العصر ثم قال لعويمر : قم فقام فقال : أشهد باللّه إن خولة لزانية وإني لمن الصادقين ثم قال في الثانية أشهد باللّه إني رأيت شريكا على بطنها وإني لمن الصادقين. ثم قال في الثالثة أشهد باللّه إنها لحبلى من غيري وإني لمن الصادقين. ثم قال في الرابعة أشهد باللّه إني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين ثم قال في الخامسة لعنة اللّه على عويمر يعني نفسه إن كان من الكاذبين فيما قال ثم أمره بالقعود فقعد. ثم قال لخولة قومي فقامت فقالت : أشهد باللّه ما أنا بزانية وإن عويمرا لمن الكاذبين ثم قالت في الثانية : أشهد باللّه إنه ما رأى شريكا على بطني وإنه لمن الكاذبين. ثم قالت في الثالثة أشهد باللّه إني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين ثم قالت في الرابعة : أشهد باللّه إنه ما رآني قط على فاحشة وإنه لمن الكاذبين ثم قالت في الخامسة : عضب اللّه على خولة تعني نفسها إن كان من الصادقين ففرق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينهما وقال لولا هذه الأيمان لكان لي في أمرهما رأي ثم قال : تحينوا الولادة فإن جاءت به أصيهب أثيبج يضرب إلى السواد فهو لشريك بن سحماء وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين فهو لغير الذي رميت به» قال ابن عباس : فجاءت بأشبه خلق بشريك.
بيان حكم الآية
إن الرجل إذا قذف امرأته فموجبه موجب قذف الأجنبية وجوب الحد عليه إن كانت محصنة أو التعزير إن كانت غير محصنة غير أن المخرج منهما مختلف، فإذا قذف أجنبيا أو أجنبية يقام عليه الحد إلا أن يأتي بأربعة يشهدون بالزنا أو يقر المقذوف بالزنا فيسقط عنه الحد. وفي الزوجة إذا وجد أحد هذين أو لاعن سقط عنه الحد فاللعان في قذف الزوجة بمنزلة البينة لأنه الرجل إذا رأى مع امرأته رجلا بما لا يمكنه إقامة البينة ولا يمكنه الصبر على العار، فجعل اللّه اللعان حجة له على صدقه فقال تعالى : فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وإذا أقام الزوج بينة على زناها أو اعترفت هي بالزنا سقط عنه الحد واللعان إلا أن يكون هناك ولد يريد نفيه فله أن يلاعن لنفيه وإذا أراد الإمام أن يلاعن بينهما بدأ بالرجل فيقيمه ويلقنه كلمات اللعان فيقول : قل أشهد باللّه إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة من الزنا وإن كان قد رماها برجل بعينه سماه في اللعان ويقول كما يلقنه الإمام. وإن كان ولد أو حمل يريد نفيه يقول وإن هذا الولد أو هذا الحمل لمن الزنا ما هو مني.
ويقول في الخامسة علي لعنة اللّه إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة وإذا أتى بكلمة من كلمات اللعان من غير تلقين الإمام لا تحسب فإذا فرغ الرجل من اللعان وقعت الفرقة بينه وبين الزوجة وحرمت عليه على التأبيد وانتفى عنه النسب وسقط عنه الحد ووجب على المرأة حد الزنا، فهذه خمسة أحكام تتعلق بلعان الزوج. قوله عزّ وجلّ :
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٨ الى ٩]
وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)
وَيَدْرَؤُا أي يدفع عَنْهَا الْعَذابَ أي الحد أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ حكم الآية أن الزوج إذا لاعن وجب على المرأة حد الزنا فإن أرادت إسقاطه عن نفسها فإنها تلاعن فتقوم وتشهد بعد تلقين الحاكم أربع شهادات باللّه إنه لمن الكاذبين فيما رماني به وتقول في الخامسة علي غضب اللّه إن كان زوجي من الصادقين فيما رماني به ولا يتعلق بلعانها إلا هذا الحكم الواحد وهو إسقاط الحد عنها. ولو أقام الزوج بينة لم يسقط الحد عنها باللعان. وعند أصحاب الرأي لا حد على من قذف زوجته بل موجبه اللعان فإن لم يلاعن حبس حتى يلاعن فإذا لاعن الزوج وامتنعت المرأة من اللعان حبست حتى تلاعن. وعند الآخرين اللعان حجة صدقه والقاذف إذا قعد عن إقامة البينة على صدقه لا يحبس بل


الصفحة التالية
Icon