لباب التأويل، ج ٣، ص : ٣٦
الظالمين يعني بالكلمة الخبيثة وهي كلمة الشرك في قول جميع المفسرين وقوله : فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يعني في القبر عند السؤال وَفِي الْآخِرَةِ يعني يوم القيامة عند البعث والحساب وهذا القول واضح ويدل عليه ما روي عن البراء بن عازب. قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«إن المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه فذلك قوله : يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال : نزلت في عذاب القبر زاد في رواية يقال له من ربك فيقول ربي اللّه ونبيي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم» أخرجه البخاري ومسلم (ق). عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وأنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد اللّه ورسوله، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك اللّه به مقعدا من الجنة قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«فيراهما جميعا» قال قتادة : ذكر لنا أنه يفسح له في قبره، ثم رجع إلى حديث أنس وأما المنافق وفي رواية وأما الكافر فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه.
فيقال : لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربةبين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» لفظ البخاري ولمسلم بمعناه زاد في رواية «أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون» وأخرجه أبو داود عن أنس قال : وهذا لفظه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إن المؤمن إذا وضع قبره آتاه ملك فيقول : ما كنت تعبد؟ فإن هداه اللّه، قال : كنت أعبد اللّه فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول هو عبد اللّه ورسوله فلا يسأل عن شيء بعدها فينطلق به إلى بيت كان له في النار، فيقال له : هذا كان مقعدك ولكن عصمك اللّه فأبدلك به بيتا في الجنة فيراه، فيقول : دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي. فيقال له : اسكن. وإن الكافر والمنافق إذا وضع في قبره، آتاه ملك فينهضه فيقول ما كنت تعبد؟
فيقول : لا أدري. فيقال له : لا دريت ولا تليت فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول كنت أقول ما يقول الناس فيه فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين»
وأخرجه النسائي. أيضا عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إذا قبر الميت أو قال إذا قبر أحدكم آتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : كنت أقول هو عبد اللّه ورسوله أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا، ثم ينور له فيه ثم يقال له : ثم فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه اللّه تعالى من مضجعه، ذلك وإن كان منافقا فيقول سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثلهم لا أدري فيقولان : قد كنا نعلم أنك كنت تقول ذلك. فيقال للأرض : التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه اللّه من مضجعه ذلك» أخرجه الترمذي.
عن البراء بن عازب قال : خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في جنازة رجل من الأنصار فانتهت إلى القبر، ولما يلحد بعد فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير وبيده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : تعوذوا باللّه من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا زاد في رواية قال : إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له : يا هذا من ربك وما دينك ومن نبيك وفي رواية يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك؟ فيقول : ربي اللّه فيقولان له وما دينك؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول اللّه فيقولان : وما يدريك؟ فيقول : قرأت كتاب اللّه وآمنت به وصدقت، زاد في رواية فذلك قوله : يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ثم لقناه قال فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوا له من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره وإن كان الكافر فذكر موته قال :
فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول : هاه هاه لا أدري. فيقولان ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن


الصفحة التالية
Icon