لباب التأويل، ج ٣، ص : ٣٧٤
القرآن إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فأعطاك القرآن فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً أي معينا لِلْكافِرِينَ على دينهم ذلك حين دعوه إلى دين آبائه فذكره نعمه عليه ونهاه عن مظاهرتهم على ما هم عليه وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ يعني القرآن بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إلى معرفته وتوحيده وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قال ابن عباس :
الخطاب في الظاهر للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمراد به أهل دينه أي ولا تظاهر الكفار ولا توافقهم وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ معناه أنه واجب على الكل إلا أنه خاطبه به مخصوصا لأجل التعظيم. فإن قلت النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان معصوما من أن يدعو مع اللّه إلها آخر فما فائدة هذا النهي. قلت الخطاب معه والمراد به غيره وقيل معناه لا تتخذ غيره وكيلا على أمورك كلها ولا تعتمد على غيره لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ أي فان إِلَّا وَجْهَهُ أي إلا هو والوجه يعبر به عن الذات وقيل معناه إلا ما أريد به وجهه لأن عمل كل شيء أريد به غير اللّه فهو هالك لَهُ الْحُكْمُ أي فصل القضاء بين الخلق وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي تردون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم واللّه أعلم بمراده.