لباب التأويل، ج ٤، ص : ١٦٢
قال : وبرز له عمي عامر فقال :
قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر
قال : فاختلفا بضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له، فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه. قال سلمة : فخرجت فإذا نفر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون : بطل عمل عامر قتل نفسه فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأنا أبكي فقلت : يا رسول اللّه بطل عمل عمي عامر قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : من قال ذلك؟ قلت : ناس من أصحابك. قال : كذب من قال ذلك بل له أجره مرتين. ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد فقال : لأعطين الراية رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله. قال : فأتيت عليا فجئت به أقوده وهو أرمد حتى أتيت به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فبصق في عينيه فبرأ، وأعطاه الراية فخرج مرحب فقال :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلتهب
فقال علي رضي اللّه عنه :
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظرة
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال فضرب مرحبا فقتله ثم كان الفتح على يده. أخرجه مسلم بهذا اللفظ وقد أخرج البخاري طرفا منه قال البغوي وقد روى حديث فتح خيبر جماعة منهم سهل بن سعد وأنس بن مالك وأبو هريرة يزيدون وينقصون فيه «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان قد أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس، فأخذ أبو بكر راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثم نهض فقاتل قتالا شديدا، ثم رجع فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول، ثم رجع فأخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك، فقال : لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ويفتح اللّه على يديه، فدعا عليا فأعطاه الراية وقال له : امش ولا تلتفت حتى يفتح اللّه عليك فأتى خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعلى رأسه مغفر من حجر قد نقبه مثل البيضة وهو يرتجز، فخرج إليه علي بن أبي طالب، فضربه فقد الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس، ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يرتجز، فخرج إليه الزبير بن العوام فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب : يقتل ابني يا رسول اللّه؟ قال : ابنك يقتله إن شاء اللّه. ثم التقيا، فقتله الزبير.
ثم كان الفتح ثم لم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يفتح الحصون ويقتل المقاتلة ويسبي الذرية ويحوز الأموال» قال محمد بن إسحاق : فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة ألقت اليهود عليه حجرا فقتله ثم فتح حصن ابن أبي الحقيق فأصاب سبايا منهم صفية بنت حيي بن أخطب جاء بها بلال وبأخرى معها فمر بها على قتلى من قتلى يهود، فلما رأتهم التي مع صفية، صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها، فلما رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«اعزبوا عني هذه الشيطانة» وأمر بصفية فجهزت خلفه وألقى عليها رداءه، فعرف المسلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد اصطفاها لنفسه وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لبلال لما رأى من تلك اليهودية ما رأى أنزعت منك الرحمة يا بلال حيث تمر بامرأتين على قتلى رجالهما وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها، فعرضت رؤياها على زوجها فقال : ما هذا إلا أنك تتمنين ملك الحجاز محمدا ثم لطم وجهها لطمة اخضرت منها عينها، فأتى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبها أثر منها فسألها عن ذلك ما هو، فأخبرته الخبر، وأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بزوجها كنانة بن الربيع وكان عنده كنز بني النضير فسأله، فجحد أن يكون يعلم مكانه، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برجل من اليهود فقال لرسول اللّه : صلّى اللّه عليه وسلّم إني رأيت كنانة يطوف