لباب التأويل، ج ٤، ص : ١٩٤
العظيم» (خ) عن عبادة بن الصامت عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«من تعار من الليل فقال لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد للّه وسبحان اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم ثم قال اللهم اغفر لي، أو قال دعا أستجيب له فإن توضأ وصلّى قبلت صلاته» قوله تعار من الليل يقال : تعارّ الرجل من نومه إذا انتبه وله صوت وقوله عز وجل :
[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ١٩ الى ٢٤]
وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤)
وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ أي نصيب قيل إنه ما يصلون به رحما أو يقرون به ضيفا أو يحملون به كلّا أو يعينون به محروما وليس بالزكاة قاله ابن عباس. وقيل : إنه الزكاة المفروضة لِلسَّائِلِ أي الذي يسأل الناس ويطلب منهم وَالْمَحْرُومِ قيل هو الذي ليس له في الغنائم سهم ولا يجري عليه من الفيء شيء قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : المحروم الذي ليس له في فيء الإسلام سهم. وقيل : معناه الذي حرم الخير والعطاء، وقيل : المحروم، المتعفف الذي لا يسأل. وقيل : هو صاحب الجائحة الذي أصيب زرعه وثمره أو نسل ماشيته وقيل : هو المحارف المحروم في الرزق والتجارة وقيل : هو المملوك وقيل : هو المكاتب، وأظهر الأقوال، أنه المتعفف لأنه قرنه بالسائل والمتعفف لا يسأل ولا يكاد الناس يعطون من لا يسأل إنما يفطن له متيقظ وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ أي عبر من البحار والجبال والأشجار والثمار وأنواع النبات لِلْمُوقِنِينَ أي باللّه الذي يعرفونه ويستدلون عليه بصنائعه وَفِي أَنْفُسِكُمْ أي آيات إذ كنتم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما إلى أن تنفخ الروح.
وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما : يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع وقيل : يريد سبيل الغائط والبول يأكل ويشرب من مدخل واحد ويخرج من سبيلين وقيل : يعني تقويم الأدوات السمع والبصر والنطق والعقل إلى غير ذلك من العجائب المودعة في ابن آدم أَفَلا تُبْصِرُونَ يعني كيف خلقكم فتعرفوا قدرته على البعث وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ قال ابن عباس هو المطر وهو سبب الأرزاق وَما تُوعَدُونَ يعني من الثواب والعقاب. وقيل : من الخير والشر. وقيل : الجنة والنار ثم أقسم سبحانه وتعالى بنفسه فقال : فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ أي ما ذكر من الرزق وغيره مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ أي بلا إله إلا اللّه.
وقيل : شبه تحقيق ما أخبر عنه بتحقيق نطق الآدمي ومعناه إنه لحق كما أنك تتكلم. وقيل : إن معناه في صدقه ووجوده كالذي تعرفه ضرورة وقال بعض الحكماء معناه كما أن كل إنسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره كذلك كل إنسان يأكل رزق نفسه الذي قسم له لا يقدر أن يأكل رزق غيره.
قوله تعالى : هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ يعني هل أتاك يا محمد حديث الذين جاءوا إبراهيم بالبشرى فاستمع نقصصه عليك وقد تقدم ذكر عددهم وقصتهم في سورة هود الْمُكْرَمِينَ قيل : سماهم مكرمين لأنهم كانوا ملائكة كراما عند اللّه. وقيل : لأنهم كانوا ضيف إبراهيم وهو أكرم الخلق على اللّه يومئذ وضيف الكريم مكرمون.
وقيل : لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أكرمهم بتعجيل قراهم وخدمته إياهم بنفسه وطلاقة وجهه لهم.
وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما : سماهم مكرمين لأنهم كانوا غير مدعوين (ق) عن أبي شريح العدوي قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه.


الصفحة التالية
Icon